يُحكى عن زعيم سياسي يوزّع بلطجيته في بلدة بتغرين للاقتصاص من كل من قد تُسوّل له نفسه الخروج عن طاعته أو رفض الخضوع لسيطرته. بطل الحكاية الشعبية هو الرئيس ميشال المرّ، الذي يتّهمه كثيرون بإيواء «المشكلجية والزعران»، يقولون إن الزعيم يوفّر لهؤلاء الغطاء والحماية لتنفيذ ما يأمر به. فيوظّفهم لديه ويدّخرهم ليوم معلوم يطلبهم فيه فيُظهرون ما لديهم من وفاء. الأقاويل المذكورة التي تتناقلها الألسن، والتي يُفترض التحقيق فيها للتثبت من صحّتها، استُعيدت من جديد أخيراً على خلفية خلاف فردي تطوّر إلى إطلاق نار أدّى إلى سقوط إصابات. انتزع الخلاف اهتمام كثيرين في البلدة وخارجها، باعتبار أن المتّهم الموقوف عقيدٌ في أمن الدولة كان برفقة الرئيس ميشال المر لحظة استهدافه بتفجير قرب بطركية الأرمن في انطلياس عام 1990، فيما المتّهم الطليق رجلٌ من رجالات الرئيس المزعوم بأنه بطل الرواية المنقولة. يأتي الاهتمام بالقضية، وفق متابعين، باعتبار أن الأمر بمثابة تصفية حساب بين «البيك» والعقيد نتيجة الاختلاف السياسي الذي فرّق بين الصديقين السابقين ـــــ العقيد طوني والبيك المر. ففي استعادة لتفاصيل الحادثة التي انفجرت نتيجة تراكم أحداثها دون تحرّك القوى الأمنية وتقصيرها في أداء واجبها وفق بعض سكّان البلدة، يذكر متابعون أنها بدأت منذ نحو شهر على خلفية خلاف عائلي بين العقيد طوني ص. وشقيقه جورج ص. من جهة، وخير ص. وأشقائه وأصدقائه من جهة أخرى. تفاصيل الخلاف تُسرَد وفق مسارين. فيلقي المسار الأوّل باللوم على العقيد الذي استغلّ السلطة الممنوحة له لغايات شخصية، الأمر الذي أدى إلى إصابة أبرياء بجروح. فيما ينحو المسار الثاني باتجاه تبرئة العقيد، الذي وقع ضحية استفزاز ممنهج أخرجه عن طوره فسقط في الفخّ الذي نصبته له يدا الزعيم بطل الرواية. فقد تحدث أمنيون لـ«الأخبار» عن ضغوط سياسية و«تواطؤ قضائي» أدّيا إلى توقيف العقيد بجناية يُراد منها القضاء على مستقبله المهني. ويذكر أحد هؤلاء أن العقيد طوني ص. حصل على إذن شفهي من المدير العام لأمن الدولة اللواء جورج قرعة بتوقيف خير ص. لكنّ ضغوطاً سياسية مورست لإجبار اللواء قرعة على نفي حصول ذلك، الأمر الذي نفته مصادر رفيعة في المديرية العامة للأمن العام جملةً وتفصيلاً.
مرّ شهر ولا يزال العقيد طوني ص. موقوفاً عدلياً في مقرّ المديرية العامة لأمن الدولة، بعدما أحيل بجرم المشاركة في الخطف وجنح الاعتداء واستيفاء الحق بالذات ومخالفة الأوامر العسكرية، علماً بأنه صدر قرار عن قاضي التحقيق العسكري بتخلية سبيله فميّزته محكمة التمييز العسكرية. وقد تقدّم وكيله النائب ميشال حلو بطلبي إخلاء سبيل رُدّا دون قبولهما. وفي الوقت عينه، يقبع شقيقه العسكري في أمن الدولة جورج ص. في إحدى النظارات في ثكنة الحلو. في المقابل، يقبع المصاب جورج ص. وخير ص. في المستشفى.
الحادثة ليست الأولى من نوعها، فقد كشفت مراجعة أدلى بها أمنيون لـ«الأخبار» رصد عشرات الإشكالات التي افتعلها خير ص. في بتغرين والبلدات المحيطة بها. وقد أُحصي من هذه الإشكالات اعتداؤه على ملازم أوّل في المغاوير، واستيلاؤه على مسدّسه، كما سُجّل تعرّضه لعقيد في قوى الأمن الداخلي أكثر من مرّة.



بين المر والتيار الحر

يُرجع عددٌ من أبناء بلدة بتغرين عمر التوتّر الحاصل في البلدة إلى نحو سنتين. وبحسب هؤلاء، فأصل الخلاف سياسي يعود إلى قُرب العقيد طوني ص. من الجنرال ميشال عون علماً بأنه من الضباط الذين شاركوا إلى جانبه في حربه التي خاضها، كما أنّ شقيقتيْ العقيد تنتميان إلى التيار الوطني الحر. ويتحدث آخرون عن خلافٍ مجهول الأسباب بين العقيد والنائب المر قضى على الصداقة المتينة التي امتدت بينهما لسنوات. وفي الإطار نفسه، يُدخل آخرون المدير العام وزارة العمل الأسبق رتيب صليبا في المسألة رغم عدم وجود صلة قربى بينه وبين العقيد الموقوف، فيتحدثون عن خلاف نشأ بين رتيب صليبا وميشال المر على مشروع مياه نبع قطين الممتد حتى منطقة المتن الشمالي، لكن مقرّبين من العقيد نفوا كل ما أُشيع في هذا السياق.