طه قليلات لم يُخلَ سبيله، ولم ينفِ أن الأموال كانت تسجّل باسمه بالاتفاق مع شقيقته رنا قليلات. أمس مثل طه أمام قوس العدالة، موقوفاً يُستجوب في قضية سرقة «بنك المدينة». لا شيء في بعبدا كان يوحي بأن قصر العدل فيها يشهد جلسة استجواب واحد من المتهمين بأبرز القضايا التي «تشغل» الجمهورية اللبنانية. البلدة ظلت غارقة في هدوئها فيما كاميرات وسائل الإعلام موزعة بين أحداث أخرى تشهدها ساحات لبنان. بعد جلستين أرجئ خلالهما الاستجواب لبت طلبات تقدم بها وكلاء قليلات، استجوب أمس رئيس محكمة الجنايات في بعبدا القاضي هنري خوري كلّاً من قليلات ووالده عبد الرحيم، وأحمد ومحمود صناديقي، وذلك في الدعوى التي رفعها عدنان أبو عياش (وهو مساهم بالأكثرية في بنك المدينة).
بداية رد القاضي خوري طلب إخلاء سبيل قليلات الذي تقدم به وكلاؤه، واستجوب المتهمين، وتركزت الأسئلة خصوصاً على طه الذي قال إن رنا قليلات كانت تملك تفويضاً باسمه وباسم شقيقه (باسم المتواري عن الانظار) ووالده عبد الرحيم، ولفتح حسابات بأسمائهم ولتمويلها أو لنقل حسابات منها، ولم ينف طه قليلات أن الأموال التي سُجّلت باسمه كانت تسجّل بالاتفاق مع شقيقته رنا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى السلفات التي كان يأخذها باسم شركات باسمه، وقال إن ذلك كان يحصل بدون تقديم ضمانات عقارية ولا نقدية. بعد ذلك ناقض نفسه إذ قال إنه وأقاربه فوجئوا بأن ثمة سلفات مسجلة بأسمائهم في المصرف المركزي، مضيفاً أن قيمة هذه السلفات أقل من قيمة العقارات التي ردها قليلات لبنك المدينة حسب ادّعائه، ومما قاله «عندما حصلت الأزمة لنا (يقصد كشف قضية بنك المدينة)، تنازلنا عن كل ما كان مسجلاً باسمي لحل أزمة بنك المدينة»، وأضاف أنه كان يأخذ المال بطلب من عدنان أبو عياش، و«لو كنت أعرف أنها أموال المودعين لما أخذتها، نحن لا نأخذ أموال الناس». جاء هذا الكلام في رد على سؤال وجهه أحد وكلائه في المحكمة عما إذا كانت التحويلات تصب لمصلحة طه أو إن كان على علم بها. عبد الرحيم قليلات، نفى من جهته أن يكون قد قبض أموالاً عن الشركات التي كانت مجيّرة باسمه. من جهتهم، وكلاء طه قليلات سألوا عن براءة الذمة التي حررها أبو عياش باسم طه قليلات ورأوا أنها ذات أهمية كبيرة في القضية، فكان الرد بأنها أعطيت بعدما أعاد طه قليلات أموالاً وعقارات إلى أبو عياش.
لم تسمتر الجلسة طويلاً، بدا القاضي خوري مصراً على عدم حرف مسارها عن العنوان الذي تحمله (أي الاتهام بسرقة أموال البنك)، كان ذلك واضحاً من خلال تعليقاته أو بالأصح رده، على طروحات محامين في الجلسة كانت أسئلتهم تخرج عن سياق الاتهام بسرقة بنك المدينة إلى اتهامات أخرى في إطار قضية بنك المدينة كله.
المتابعون لقضية ملف بنك المدينة كانوا يكررون أن القضية صارت في أيد أمينة، إذ يُعرف عن القاضي خوري نزاهته واستقلاليته، وزاد الاطمئنان أمس، فرئيس محكمة جنايات بعبدا كان أيضاً شديد الحرص على التزام قواعد العدالة، وضبط الجلسة، وهو لم يدع القضية تطول من خلال تحديد مواعيد متقاربة للجلسات المختلفة. حُدد موعد الجلسة المقبلة في القضية يوم الخميس 25 أيار الجاري، وذلك لاستجواب الرئيس المؤقت لبنك المدينة أندريه بندلي وللمرافعة.



جلسة استجواب بعد تأجيلين

في 20 نيسان الماضي كان موعد جلسة استجواب طه قليلات (الصورة) في محكمة جنايات بعبدا، وأُرجئت لبت طلب الدفوع الشكلية التي تقدم بها وكلاء عبد الرحيم قليلات.
في 4 الشهر الجاري، تقدم وكلاء قليلات بطلب إخلاء سبيل له، وقدموا وثائق «جديدة» لتُضم إلى الملف، فأُرجئت الجلسة إلى 11 الشهر الجاري لتتمكن هيئة المحكمة منن دراسة الوثائق.
عام 2006، أوقف طه قليلات، ثم أُخلي سبيله وظل جواز سفره مصادراً، لكنه تمكن من التواري عن الأنظار.
القضية نظر فيها أكثر من قاض، وقد تنحّى بعضهم عنها. في «يوم أمني»، في 18 آذار الماضي أوقف طه قليلات على حاجز للجيش في منطقة المدفون، بموجب مذكرة توقيف صادرة عن النيابة العامة في جبل لبنان. حالياً طه قليلات موقوف في السجن المركزي في
رومية.