«قُتل قائد سرية الضاحية الجنوبية العقيد علي حسّونة بخمس رصاصات في ظروفٍ غامضة». انتشر الخبر سريعاً عبر الرسائل الهاتفية القصيرة، فانهالت الاتصالات على رقمي هاتف العقيد حسّونة لكنه لم يكن يُجيب. تعزّزت الفرضية، لتسرح المخيّلة وصولاً إلى هوية المستفيدين أو المتورّطين في مقتله. فالواقعة التي بدأت منذ أيام عبر انفجار أزمة مخالفات البناء كانت في منطقة الأوزاعي الواقعة تحت نطاق سلطته جغرافياً. تسارعت اللحظات لتتوضّح الصورة التي نقلها ضبّاط في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي.فقد ذكر أحد هؤلاء لـ«الأخبار» أن العقيد حسونة أصيب بطلق ناري عن طريق الخطأ من مسدسه الأميري بينما كان يغيّر وضعية مسدسه، وهو ما أدّى إلى إصابته في خاصرته. وأشار الضابط المذكور إلى أن العقيد نُقل إلى مستشفى أوتيل ديو للمعالجة. المعلومات المذكورة أكّدها أمنيون للوسائل الإعلامية ذكروا أنّ قائد سرية الضاحية العقيد علي حسونة أصيب عن طريق الخطأ برصاصة أطلقت من مسدّسه. ونفى المسؤولون «الأنباء التي تحدثت عن مقتل العقيد حسونة، مؤكدين أنه لا يزال على قيد الحياة وأنّ حالته مستقرة ولا تدعو للقلق». ونفت المصادر معلومات تحدّثت عن مقتل العقيد حسونة «في ظروف لم تتّضح».
التأكيدات الأمنية المنقولة لم تشف الغليل، فالروايات المتناقلة عديدة، أبرزها ما ردّده البعض في أروقة المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، ورجّح هؤلاء فرضية أن يكون العقيد علي حسّونة هو من أطلق النار على نفسه هرباً ممّا يجري في الضاحية لجهة التورّط في تمرير هذه المخالفات والسكوت عنها. وذكر أصحاب هذه الرواية أن وزير الداخلية زياد بارود أبلغ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي علمه بأن عدد العسكريين الطالبين لإجازات مرضية ممن يقع مركز خدمتهم في الضاحية الجنوبية كبير نسبياً. ونقل هؤلاء تلميحات الوزير بارود إلى أن طالبي الإجازات يتمارضون هرباً من مواجهة الأهالي أثناء قمع مخالفات البناء. وبناءّ على المعلومات المنقولة للمدير العام، أرسل بطلب العقيد علي حسّونة الذي حضر صباح أمس إلى المقرّ العام للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. يُكمل هؤلاء أنه أثناء مغادرة العقيد حسّونة للمديرية حصلت «الحادثة المقصودة» دون أن تكون قاتلة، فنُقل العقيد المصاب على وجه السرعة إلى المستشفى بسيارته. وطرح آخرون تساؤلات عن مصادفة انطلاق الرصاصة في حرم المديرية وكيفية حصول ذلك، فلو كان المسدس بكَر لانطلقت الرصاصة أثناء وضع المسدس لا إخراجه، أما إذا كان من نوع آخر، فعلامة الاستفهام تكون حول سبب وجود طلقة في بيت النار.
الرواية المذكورة لم تكن الوحيدة، فقد تردد أن الرصاصة التي أصابت العقيد حسّونة انطلقت من مسدس غير مسدسه. ولفت ناقلو هذه الرواية إلى التكتّم على ما حصل منعاً لاستغلال الحادثة إعلامياً وربطها بخافيات ما يحصل في منطقة الأوزاعي لجهة قمع المخالفات. ورغم تعدد الروايات التي أدخلت عنصر المؤامرة طرفاً في ما جرى، أصدرت شعبة العلاقات العامة في قوى الأمن الداخلي بياناً يفيد بأنه لدى صعود قائد سرية درك الضاحية الجنوبية العقيد علي حسونة إلى سيارته في باحة ثكنة المقر العام ـــــ الأشرفية، وأثناء سحبه مسدسه من جعبته لوضعه داخل «التابلو»، انطلق منه عيار ناري واحد عن طريق الخطأ، مما أدى إلى إصابته في خاصرته إصابة سطحية طفيفة. وذكر البيان أن العقيد حسونة نقل على الفور إلى المستشفى للمعالجة وهو بحالة جيدة لا تستدعي إخضاعه لأية عملية جراحية.
تجدر الإشارة إلى أن العقيد علي حسّونة أجرى العديد من الدورات، وهو مسؤولٌ عن نقطة تشهد أحداثاً كبيرة ويوجّه له البعض اتّهامات بأنه يُسهّل الكثير من الأمور غير القانونية، ما يفتح باب الاحتمالات أمام الكثير من الروايات رغم تأكيد عائلته أنه أصيب عرضاً عن طريق الخطأ.



إرهاق عصبي

قبل نحو أسبوع، أدخل العقيد علي حسونة إلى أحد المستشفيات بسبب إصابته بإرهاق عصبي، وذلك نتيجة الجهد الذي كان يبذله مع الأهالي أثناء إزالة مخالفات البناء في منطقة الأوزاعي. تسلّم المقدّم جوزف نداف موقع حسونة في الأوزاعي إلى حين تعافي الأخير، بيد أن ندّاف أصيب بضربة «بوكس» على عينه أثناء محاولته إزالة إحدى المخالفات. عاد حسونة إلى العمل، يوم أول من أمس، وهو قلق لناحية ملف المخالفات الذي فُتح ولم يغلق بعد. ظهر على شاشات التلفزة يوم عودته إلى العمل وهو يحاور الأهالي في منطقة الأوزاعي، محاولاً إقناعهم بالكفّ عن المخالفات. لم يستمع إليه أحد، كما لم يكن إلى جانبه أحد من رؤوساء البلديات، الذين يفترض بهم بحسب القانون الحضور عند إزالة أي مخالفة. وبحسب أحد زملاء العقيد المصاب، فإن الأخير خلال الدورية الأخيرة له وضع طلقاً في بيت النار داخل مسدسه، تحسباً لأي طارئ. يبدو أنه نسي الطلق في المسدس، حيث انطلق في اليوم التالي عن طريق الخطأ وأصابه.