هل تتجه «انتفاضة» مخالفات البناء نحو خواتيمها وتُجهَض في بداياتها في منطقة صور؟ أخيراً، قررت القوى الحزبية والسياسية المعنية اتخاذ إجراء حاسم في قمع المخالفات واختارت أن تبدأ من رأس الهرم. من المنتظر أن تحصل صباح اليوم عملية هدم وإزالة ورشة بناء تابعة لنائب صور عن «حركة أمل» عبد المجيد صالح. الورشة عبارة عن سقفين أضيفا الى منزل صالح الواقع في الأساس في أملاك الدولة في محيط مخيم البص في صور. قررت «حركة أمل»، التي يتهمها كثيرون بعدم اتخاذ خطوات ردعية جادة ضد المخالفين، تصويب النظرة إليها ورد تهمة الترويج لانتهاك أملاك الدولة. بعد أن يهدم صالح ما كان قد بناه من دون ترخيص، فإنه سيعقد مؤتمراً صحافياً ظهراً، قد يدعو فيه الناس الى الالتزام بالقانون. فهل سيلقى آذاناً صاغية من مواطنين ضربوا عرض الحائط بكل الخطوط الحمر؟ فيما يتساءل البعض «هل ستستكمل الإجراءات الحاسمة أم رح تطلع براس النائب وحده؟». في القسم الزراعي من محمية شاطئ صور الطبيعية، خطر ببال عدد من الأشخاص إضافة بناء جديد الى مساكنهم التي تقع على أملاك وزارة البيئة في الأساس. هؤلاء يقطنون قرب برك رأس العين التاريخية منذ تهجرهم من قراهم الحدودية إثر الاجتياح الإسرائيلي عام 1978، كانوا قد استغلّوا غياب الدولة حينها ووضعوا أيديهم على أملاكها وعمّروا مساكن لهم، وزرعوا في أراضيها عشرات الدونمات التي يعتاشون منها من دون تسديد أي من الضرائب الى الدولة. تحررت قراهم إلا أنهم لم يحرروا تلك الأملاك. حتى بعد إنشاء المحمية عام 1998 وضم تلك المنطقة إليها، رفض هؤلاء المغادرة برغم اكتسابهم صفة محتلين. من جهة ثانية، رغم وجود مئات العناصر من قوى الأمن ومن الجنود من الجيش اللبناني وناقلاتهم ونشرها في مدينة صور والآليات التي أشيع بأنها تستعد لاقتحام حي المساكن لضبط المخالفات المطّردة بعد حادثة مقتل اثنين من سكانه، لم تسجل أي عملية مداهمة أو إزالة للورش المخالفة التي ازدهرت على نحو مخيف منذ ذلك الحين.
من هنا، فقد بدت دوريات قوى الأمن التي كانت تجوب البلدات المخالفة، كأنها تقوم بجولات تفقدية واطمئنان لحسن سير المخالفات. إذ تحاشى العناصر استفزاز المخالفين الذين شكلوا بأجسادهم دروعاً بشرية لحماية ورشهم. أما وزارة الداخلية فيبدو أنها تلاعب المواطنين «الغمّيضة». فبعدما أصدر وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، قبل أسابيع، قراراً يقضي بالسماح للبلديات بإعادة منح رخص البناء في الأملاك الخاصة بمساحة 120 متراً، عاد ليصدر قراراً مساء أول من أمس يلغي بموجبه قراره الأول ويمنع مجدداً البلديات من ذلك. الأمر سبّب جدلاً كبيراً بين المواطنين ورؤساء البلديات الذين استغربوا موقف الدولة التي تلغي السبل القانونية وترعى انتهاك أملاكها؟! انتفاضة المواطنين ضد القرار الرجعي، يبدو أنها قد أدت مفعولها لدى الوزارة التي عممت على المخافر عصر أمس إبلاغ البلديات بإعادة العمل بالتعميم ومنح الرخص. كانت فصيلة عدلون قد استمرت في نصب الحواجز على الطرقات ومداخل البلدات للتأكد من شرعية الشاحنات التي تنقل مواد البناء بين البلدات وإلى منطقة صور خصوصاً، وتم حجز حفارتين يُشتبه بأنهما ستستخدمان للمشاركة في ورش مخالفة.
من جهة ثانية، وجّه وزير التربية والتعليم العالي الدكتور حسن منيمنة كتاباً إلى النيابة العامة التمييزية طلب فيه «التحرك الفوري والإيعاز إلى الأجهزة الأمنية للتحقق من إخبار عن عملية بناء على عقار للوزارة ملاصق لثانوية العباسية ـــــ قضاء صور، يقوم به أحد أبناء البلدة». كما طلب من النيابة العامة «العمل على وقف هذا التعدي السافر على الأملاك العامة المتمثلة بالوزارة، وإزالة المخالفة وإحالة المخالفين على القضاء المختص وإنزال العقوبات المناسبة بهم».