كثيرون لم يتداولوا العملة الجديدة التي طُرحت في الأسواق أخيراً، رغم ذلك سبقتها أوراق مزورة من فئات العشرة آلاف، والعشرين والخمسين والمئة ألف ليرة، وبدأت تكثر الشكاوى في البقاع بشأن هذا الموضوع.المشكلة الرئيسة هي خوف البعض من التبليغ حين يقعون «فريسة» مروجي أيّ عملة مزوّرة. القضية التي لفتت الأنظار هي قصة العامل فهد ن. بائع الأحذية المتجول في ساحة شتورة. فقد اقترب منه رجل ليشتري حذاءً بعشرة آلاف ليرة، ناول البائع خمسين ألف ليرة وانتظر أن يعيد إليه الباقي، لكن فهد تنبّه إلى أن الورقة التي بين يديه قد تكون مزورة.
«المشتري» ثار غضبه عندما سأله فهد عن العملة التي أعطاه إياها، وتهجّم عليه وشدّه من شعره، ثم عمد إلى إقفال زجاج نافذة سيارته على رأس فهد، وأقلع بسيارته بسرعة، ثم لكمه على وجهه. لم يدع «الزبون» فهد وشأنه إلا بعدما جره بالسيارة مئتي متر. نُقل البائع المتجول إلى مستشفى البقاع للمعالجة، حيث فتحت القوى الأمنية تحقيقاً لمعرفة هوية المعتدي. الحادث أثار كثيراً من التساؤلات، ولفت الأنظار إلى قضية العملات المزورة التي يكثر الكلام عنها في الآونة الأخيرة.
مسؤول أمني قال لـ«الأخبار» إن التحقيقات الأولية أشارت إلى أنّ السيارة التي استقلها المعتدي هي جيب شيروكي أسود اللون، والشخص الذي كان في داخلها «عرفنا مواصفاته، فيما تعمل الأجهزة على تحديد رقم لوحة الجيب، وذلك من خلال الاستعانة بكاميرات المراقبة الموجودة أمام البنوك في تلك المنطقة». المسؤول الأمني لم يستبعد أن تكون هناك عمليات ترويج عملات مزيفة، «وإن لم يبلّغ عن أي منها، إنما ما حصل مع فهد ن. يُعدّ مؤشراً إلى أن منطقة شتورة تشهد عمليات ترويج عملات وطنية مزيفة»، ولفت المسؤول إلى أن القوى الأمنية في البقاع كثيراً ما أوقفت مروجين لعملات أجنبية سابقاً، وقد أبلغت عنهم مكاتب الصرّافين في بلدة شتورة.
أما عن سبب عدم إبلاغ المواطنين عن تلقيهم عملات مزوّرة فقد قال المسؤول إن عدداً كبيراً من اللبنانيين لا يتقدمون بدعاوى حين يتعرضون للنشل والاحتيال وذلك هروباً من المماطلة في بتّ القضايا والدعاوى.
ياسر، جابي مولد كهرباء في شتورا، لم يدّعِ أمام مخفر البلدة عندما «أكل الضرب بخمسين ألف ليرة مزوّرة من الفئة الجديدة». قبل أسبوع تنبّه إلى أن أحد المشتركين دفع له عملة مزورة، وكي لا يقع في «دوّيخة» التحقيقات، فضّل إتلافها وأن تحسم من راتبه الشهري الذي لا يتجاوز 500 الف ليرة. يستطرد ياسر شاتماً حال «دولة المزارع، التي تتحكم فيها وفي العباد مجموعة من المافيا»، ويقول إنه لولا «وجود مسؤولين، سرّبوا هذه النسخ من الأوراق النقدية الجديدة، لما «نزلت العملة المزورة قبل الصحيحة، وبعد اليوم لا يمكن أن تمر علي مرة ثانية».
حسان، عامل سوري، يعمل في محطة وقود، بين تعنايل والمرج عند طريق الشام الدولية، وقد وقع أيضاً في مصيدة مروجي أوراق نقدية مختلفة مزوّرة عن العملة الجديدة. حسان الذي لا يتجاوز راتبه الشهري 450 ألف ليرة، دفع من جيبه لحساب عداد المحطة، مئة الف ليرة كان قد قبضها من زبون يقود سيارة «بي أم» وبرفقته شابان.
عرض حسان على مديره العملة الجديدة التي نقده إياها سائق سيارة الـ«بي أم»، فقال له المدير إنها المرة الأولى التي يشاهد فيها العملة الجديدة، لكنه شكك في صحة الورقة التي بين يديه، استشار المدير وحسان أحد الصرافين في شتورة، فأكد لهما أنها مزورة، ما اضطر حسان إلى أن يتلفها. لم يتقدم حسان بادعاء ضد مروجي العملة المزيفة، وذلك تجنباً لعملية استدعاء متكرر له، ما قد يضطره إلى التغيّب عن العمل.