«الدمار في السجن المركزي يكاد يماثل في ضراوته دمار الضاحية الجنوبية إبّان حرب تموز». الوصف المذكور اقتباسٌ حرفي من حديث مسؤول أمني رفيع كان من بين المشرفين على عملية اقتحام القوى الأمنية سجن رومية المركزي، منذ أيام. استعار المسؤول المذكور دمار حرب تموز على ما يبدو ليُظهر ضراوة ما أصاب السجن المركزي. ويضيف المسؤول الأمني على تشبيهه مقولة: «حياة نزلاء السجن المركزي لا تطاق قبل دماره، فكيف بها بعد استحالته إلى ما يشبه الركام»، لينطلق منها إلى تأكيد ضرورة قرع جرس الإنذار للمضي قدماً في حلول عاجلة لانتشال السجناء من مرارة الحال التي وصلوا إليها، حيث تُنبئ بكارثة إنسانية. ما ذُكر أعلاه ينقل الانطباعات الأوّلية لكُثر عاينوا السجن المركزي ووقفوا على الخراب الحاصل فيه، لكنّ استمرار البكاء على الأطلال لم يكن ممكناً في ظلّ الخوف من المجهول الآتي إن لم يُصر إلى التحرّك بسرعة. الحريق طال مختلف المباني وأروقتها، فأتى على المركز الطبي والمسرح والمكتبة والمطبخ، لكن كان لا بدّ من نفض الغبار والركام لتبدأ أعمال الترميم بعدما استقرّ الوضع الأمني داخل السجن. من جهة أخرى، علمت «الأخبار» من مسؤول أمني رفيع أنه جرى استبدال آمر السجن المركزي، أوّل من أمس، فحلّ العقيد عامر زيلع بدلاً من العقيد مروان سليلاتي. وأشار المسؤول المذكور إلى أن العقيد زيلع نُقل إلى إدارة السجن مؤقتاً، لنحو شهر تقريباً، علماً بأن زيلع سبق له في مطلع التسعينيات أن تسلّم إدارة سجن بيروت بناءً على أمر وزير الداخلية آنذاك بشارة مرهج الذي أوصى بإغلاق السجن المذكور. وذكر المسؤول الأمني أن العقيد زيلع باشر إعادة توزيع الضباط والعناصر على مباني السجن، تمهيداً للإمساك بزمام الأمور.بالعودة إلى أعمال الصيانة، فقد بوشر في إصلاح الأبواب المحطمة بأجمعها، تلك التي حطّمها السجناء أو المهترئة بمرور الزمن، حيث ستصلح هذه الأبواب مؤقتاً إلى حين استيراد أبواب جديدة من الخارج. كذلك بدأت أعمال الصيانة لإصلاح إمدادات المياه، علماً بأنه جرى بناء إمدادات خارجية للمياه والكهرباء بدلاً من تلك الداخلية، وقد استُقدم لهذه الغاية عددٌ كبير من الحدّادين والعمّال. كذلك بوشر العمل في إصلاح المطبخ الكائن قرب مبنى المحكومين، الذي سيكون جاهزاً في غضون أسبوع، بحسب مسؤول أمني رفيع، علماً بأن هناك مطبخاً آخر، دائماً، سيُنجز خلال ثلاثة أشهر بتمويل أوروبي. وأشارت المعلومات إلى أن رئيس مصلحة الأبنية في قوى الأمن الداخلي العقيد عامر خالد موجود بنحو شبه دائم برفقة مهندسين من شركة «خطيب وعلمي» منتدبين من الهيئة العليا للإغاثة. كذلك ذُكر أنه استُقدمت شاحنات تحمل مئات الفرش من نوع «سليب كومفورت» وُزّعت على السجناء.
وفي سياقٍ آخر، ذكر مسؤول أمني أنه أعيد فصل الأحداث عن البالغين، بعدما نُقل بعضهم من مبنى الأحداث إلى المباني الأخرى، إثر التمرّد الذي حصل، علماً بأنّ دخول السجناء المتمرّدين إلى مبنى الأحداث كان أحد الدوافع الرئيسية لاتخاذ القوى الأمنية قرار الاقتحام حفاظاً عليهم. وبحسب أحد الضبّاط، فإن العملية العسكرية لم تحصل، ولم يعط الضوء الأخضر، إلا بعد دخول السجناء إلى مبنى الأحداث.
أوشكت أعمال الصيانة أن تنتهي في المبنى «د»، لكنها لا تزال مستمرة في المبنى «ب»، قبل أن يأتي الدور على باقي المباني. هذه حال الحجارة، أما السجناء فإنّ شكواهم لا تزال قائمة. فرغم تأكيدات أكثر من مسؤول أمني رفيع أن شركات خاصة تُحضر ساندويشات للسجناء ثلاث مرّات في اليوم، يشتكي عدد منهم من عدم إطعامهم أكثر من مرّة واحدة في اليوم. الشكوى رفعتها «الأخبار» إلى القيّمين على السجن، فنفوا ذلك، مؤكّدين أن مردّ الشكوى هو رغبة السجناء في الحصول على الطعام من ذويهم عبر الأمانات.