الغضب لم يهدأ، ولم تنجح مساعي لجنة الإصلاح ومتابعة العفو العام في بعلبك ـ الهرمل في امتصاص نقمة أهالي المساجين البقاعيين في سجن روميه وغضبهم. المؤتمر الصحافي لم يحل دون قيام الأهالي بقطع طريق بعلبك ـ حمص الدولية بالإطارات المطاطية المشتعلة والأحجار. «حرقة قلوب» بعض الأمهات المطالبات فقط بالاطمئنان على أبنائهم في السجن، كانت أقوى من البيانات والتصريحات التي أطلقت في المؤتمر.
ما إن انتهى المؤتمرون من تلاوة كلماتهم حتى خرجت النسوة اللواتي حضرن المؤتمر، بالإضافة إلى بعض الشبان والفتية، وعمدوا إلى قطع الطريق الدولية، على مرمى حجر من مركز الجيش عند مدخل مدينة بعلبك الغربي، مفرق حي الشراونة ـــــ إيعات.
شددت النسوة على أن المؤتمرات الصحافية «ما بتعطي نتيجة، وإذا كانوا أطلقوا مجرمي حرب بقانون عفو، فلماذا لا يصدرون قانوناً مماثلاً للعفو عن أبنائنا!؟».
شفيق زعيتر عضو لجنة العفو العام في بعلبك ـــــ الهرمل، قال لـ«الأخبار» أنه جرى التواصل مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري اللذين أكدا «تفهمهما للمطالبة بالعفو العام، وموافقتهما عليه إذا طرح، لكن بعد تأليف الحكومة».
حضر المؤتمر عدد من مخاتير المنطقة وفاعلياتها وحشد من أهالي المسجونين. وبعد الوقوف دقيقة صمت على أرواح ضحايا سجن روميه، تلا عقل حمية عضو لجنة العفو العام (مسؤول عسكري سابق في حركة أمل) البيان القانوني، قال «فُرض علينا حصار تاريخي من الدولة، وبقيت الاستثمارات بعيدة عن منطقتنا»، مطالباً ببناء سجون يخرج منها «السجين إنساناً بيده مهنة، لتكن مهمة السجون الإصلاح».
المادة الأولى من البيان تضمّنت ضرورة تعليق الأحكام الجزائية الصادرة عن المحاكم بكل درجاتها، على أن تلغى مفاعيلها الإدارية ويعاد الاعتبار المعنوي والوظيفي فوراً للأشخاص الذين صدرت بحقهم أحكام إدارية، ومساواتهم بمن هم بالخدمة الفعلية، بالإضافة إلى استرداد جميع المذكرات والبلاغات في جرائم الحقّ العام حصراً، وكفّ الملاحقات عن الغرامات المالية والقضايا الجمركية الناشئة عنها والعالقة منها فقط، حتى تاريخ صدور هذا القانون، على أن تسقط جميعها حكماً بما فيها من أحكام إدارية وغرامات مالية وملاحقات وحجوزات بعد مرور خمس سنوات في أحكام الجنايات ومذكراتها، وثلاث سنوات في أحكام الجنح ومذكراتها عن الملاحقين الذين لا يقترن اسمهم بجريمة من نوع الجرم المعلق أو أشد، ويسقط هذا التعليق بحق كل مستفيد فور صدور حكم مبرم يدينه من نوع الجرم المعلق أو أشد. محتوى نص المادة الأولى تُستثنى منه الجرائم المحالة على المجلس العدلي وجرائم شبكات التجسس والاتصال بالعدو والإرهاب الدولي والمتفجرات، فضلاً عن الدعاوى الشخصية المتلازمة مع دعاوى الحق العام.
من جهة ثانية، طالب قاسم طليس الناطق الرسمي باسم اللجنة، الدولة بالمسارعة إلى إصدار قانون تعليق الأحكام، مشدداً على ضرورة أن تولي الدولة «المنطقة الاهتمام الكافي».
أما الشيخ بكر الرفاعي فأكّد أنّ المطالب التي أشارت إليها لجنة الإصلاح والعفو العام «اجتماعية بحتة، ولا علاقة لها بأي بنزاع سياسي أو باصطفافات، متسائلاً: «إذا كان البعض يشير إلى أن المنطقة فيها نحو 30 ألف مذكرة بحق مطلوبين، فهل هناك سجون في لبنان تستطيع أن تستوعب 30 ألف سجين؟». وطالب الرفاعي بمعالجة المشاكل التي تواجه النساء من أهالي المساجين عند دخولهم السجن، بالإضافة إلى إعادة النظر في توزيع المساجين.
بعد انتهاء الكلمات في المؤتمر ساد قاعة المطعم «هرج ومرج»، حيث عبّرت بعض النسوة عن غضبهن واستيائهن، ليعلنّ استمرارهن في «التمرد حتى الاطمئنان على أولادهن وصدور قانون العفو».
أمام غضب الأهالي المحتجّين وعملية قطع الطريق الدولية بالإطارات المطاطية، تدخّل عدد من فاعليات المنطقة للتهدئة، وإعادة فتح الطريق، لكن محاولاتهم باءت بالفشل. وقد أكد أحمد صبحي جعفر عضو لجنة العفو العام لـ«الأخبار» أن اللجنة ستعمل «بسرعة مع المسؤولين في الدولة من أجل تسريع المقابلات بين أهالي المسجونين في روميه وأبنائهم وتسهيلها، حتى تهدأ الحركات الاحتجاجية في الشارع، ليتابَع من بعدها العمل من أجل الوصول إلى إقرار قانون تعليق الأحكام».