إنها عملية المسح الثلاثيّّ الأبعاد الأولى في الشرق الأوسط والعالم العربي، وقد انتهت مرحلتها الأولى في معابد بعلبك الرومانية. نتائج العمل الذي دام سنة تقريباً، قدمت إلى العلن في مؤتمر صحافي عقد في المتحف الوطني، أول من أمس. وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال سليم وردة رأى أن الهدف من هذا المشروع هو «أن نخرج من حرب تموز 2006 بنصر، وأن تحول هذه النكبة إلى إنتاج. والنصر أتى بحيازة المديرية العامّة للآثار المعدات التي ستسمح من الآن فصاعداً بإتمام هذا العمل العلمي على كل المواقع الأثرية في لبنان، والذي ظهر أنّ من الممكن أن يقوم به خبراء لبنانيّون تدربوا في هذا المشروع على كيفية إتمام هذا العمل». والمسح الثلاثي الأبعاد هو خطة معتمدة لتحديد واقع المعالم الأثرية في العالم ومتغيراتها، وأهميته تكمن في تحديد مواقع الآثار وبناء قاعدة معلوماتية شاملة ومفصّلة عنها. وكان المكتب الإقليمي في منظمة اليونسكو في بيروت هو من تكفّل بعد حرب تموز 2006 بتأمين المبلغ المطلوب لهذا المشروع (730.000 $)، لكي يصبح للبنان قاعدة معلومات تسمح له بألّا يقع في المشاكل التي عرفها خلال زيارة الخبراء للبنان لتحديد الضرر على المواقع الأثرية بعد الحرب، كما يقول جوزف كريدي، مدير مكتب الآثار في منظمة اليونسكو في بيروت.
وشرح المسؤول عن المشروع والتنقيبات الأثرية في المديرية العامة للآثار، الدكتور أسعد سيف، أن «العمل يجري بواسطة كاميرات متطورة جداً تعمل على المسح بواسطة تقنية الليزر، وتخزّّن مباشرة المعلومات على شكل صور ثلاثية الأبعاد داخل حاسوب. ويمكن أن تدرس الصور لتعطي تفاصيل الحجارة المصقولة لغاية 5 مم. وهذا المسح يسمح بدراسة وضع الموقع وتحديد كل من الحجارة المهددة بالتحركات وتلك الثابتة منها، ويسمح بأن يحدد تآكل الحجر ونوع الخلل الذي قد يصيبه». ولأن المشروع يهدف في آن واحد إلى تدعيم الموارد البشرية وإتمام المسح الثلاثي الأبعاد، دُرّب 15 موظفاً ومدير موقع في المديرية العامة للآثار على قراءة هذه الصور ودراستها، ودُرّب تقنيون على البرنامج الذي أشرفت جامعة لوفان في بلجيكا على التدريب عليه. وقال سيف إن الخطوة الثانية هي تأمين المبالغ الضرورية لإتمام مسح ثلاثيّ الأبعاد مفصّل جداً لكامل معابد بعلبك، وتحديد المخاطر التي قد تقع على الموقع في حال الزلازل، ومن ثم العمل على تأهيله وتدعيمه، بحسب نتائج هذه الدراسات.
وأكد كلّ من سيف وكريدي ووردة أن العمل سيجري حالياً لتطبيق هذا المسح على المواقع الأثرية اللبنانية كلها، ولهذا الهدف جرى العمل على الموقع الملاصق للقلعة الصليبية في بيروت. المسح الثلاثي الأبعاد جديد على لبنان والمنطقة، لكنه ضرورة قصوى، وخاصة بسبب الخطر الدائم من وقوع زلازل.