صدر عن وزارة الداخلية والبلديات تعميم ينصّ على «السماح بالبناء في القرى على الأملاك الخاصة لأصحاب العلاقة الحاصلين على تصاريح بناء من السلطات الإدارية المختصة بمساحة لا تتجاوز مئة وعشرين متراً». واستثني من تعميم «السماح» البناء الواقع في محافظتي بيروت وجبل لبنان والمدن مراكز المحافظات والأقضية. إذاً، تراجعت الوزارة عن التعميم الذي أصدرته قبل أكثر من عام، وسحبت بموجبه صلاحية البلديات لمنح رخص البناء، وقد تواصل آمر فصيلة صور الرائد قاسم بشروش مع رؤساء بلديات منطقة الزهراني لإبلاغهم التعميم.
يُشار الى أن غضب الأهالي من المنع كان قد أدى الى ما سمّوه «انتفاضة بناء» بدأت شرارتها في حي يارين الجديدة، في خراج بلدة البيسارية. وإذ تمرد حوالى أربعة أشخاص على المنع واستمروا في ورش البناء عنوة، انساق المئات وراءهم من أبناء الحي والبيسارية، وصولاً الى سائر بلدات الزهراني. هذه التحركات أدت الى مواجهات عدة مع القوى الأمنية وصلت الى حد إقفال طرق وإشعال إطارات واعتقال أشخاص. إلا أنها أيضاً أدت الى استباحة عشرات الدونمات من أراضي المشاعات التي عمد البعض الى استصلاحها بقصد البناء في الأيام الأخيرة، مستفيدين من انفلات الأمور.
مسؤول أمني توقّع أن يُهدّئ القرار من روع الأهالي ويحدّ من تزايد نسبة البناء المخالف. وقد رأى كثيرون أن التعميم هو أحد إنجازات «الانتفاضة»، إذ اضطرّت وزارة الداخلية الى إعادة تشغيل صلاحية البلديات، علماً بأن إنجازاً آخر سُجّل قبل يومين تمثل بتشكيلات جزئية في قوى الأمن الداخلي أدت الى إبدال آمر فصيلة عدلون السابق بآمر فصيلة صور، الذي استعين به لضبط الأمور. التعميم حرّر الأملاك الخاصة، إلا أنه أجّل الإفراج عن الأملاك العامة الى حين إقرار مشروع تنظيمها بالتنسيق مع القضاء والمحافظة. عقدت قيادتا حركة أمل وحزب الله في الجنوب اجتماعاً في مدينة النبطية، حضره النائبان هاني قبيسي وعلي فياض، وجرى البحث في التعديات على الأملاك العامة والمشاعات التي وصفت بـ«محاولة لإشاعة أجواء التفلت والفوضى وتجاوز القوانين والأنظمة على الساحة اللبنانية». المجتمعون دعوا «القوى الأمنية إلى القيام بواجبها كاملاً من دون تردد ومنع الاعتداءات كافة على الأملاك العامة والمشاعات»، مؤكدين «رفع الغطاء عن كل من تسوّل له نفسه ممارسة أي اعتداء وتحمّله شخصياً كل التبعات والمترتبات القانونية»، وطالب المجتمعون البلديات بـ«ضرورة القيام بدورها في متابعة تنفيذ القوانين والحرص على الالتزام بها»، وطالبوا الأهالي في الجنوب «بالالتزام الكامل بالأنظمة والقوانين والحفاظ على الأملاك العامة وعدم التعدي عليها، انطلاقاً من الواجب الشرعي والقانوني». وكان نحو 250 شخصاً من أهالي بلدة طيرفلسيه قد نفّذوا اعتصاماً ليل أول من أمس وقطعوا الطريق الرئيسية وأحرقوا الإطارات احتجاجاً على منع البلدية إياهم من البناء على المشاعات العامة، كما حاول أهالي البيسارية ظهر أمس جمع إطارات لإشعالها بين الصرفند والبيسارية احتجاجاً على منعهم من استكمال ورش، لكن القوى الأمنية احتوت التحرك.