عقد رشيد (اسم مستعار) السعودي الجنسية، وهو رئيس مجلس الإدارة السابق لبنك لبناني وعربي، تأميناً عقارياً من الدرجة الأولى، وذلك بموجب وكالة عن ابنه زكريا (اسم مستعار). الوكالة عُقدت لمصلحة البنك على عقار في منطقة ميناء الحصن ـــــ بيروت، المملوك من ابنه ضماناً لديون بعض العملاء، ومنهم ابنه المذكور. لم يمضِ وقت طويل على عقد التأمين حتى باع رشيد العقار المذكور استناداً إلى الوكالة المعطاة له من ابنه، وقبض من المشتري الثمن، البالغ 880,000 دولار، وأودعه في حساب ابنه زكريا. كذلك فكّ رشيد التأمين عن العقار، وسجل الوثيقة لدى كاتب العدل، ثم أرسل كتاباً إلى رئيس دائرة ضريبة الدخل طلب منه الإيعاز إلى الدوائر العقارية برفع إشارة التأمين، على أساس أن الثمن المتأتّي من بيع العقار حلّ مكان التأمين ضمانة لديون ابنه زكريا. ولكن المفارقة هنا هي أن رشيد بدل أن يجمّد الثمن الذي أودعه في الحساب الجاري لابنه زكريا، سحب مبلغ 857750 دولاراً من الحساب المذكور بموجب وكالة من الابن، ما أدى إلى إزالة الضمانة التي كانت متمثلة في العقار ولاحقاً في الثمن. وتجدر الإشارة هنا إلى أن رشيد سحب المبلغ على دفعات. حين كان رشيد يرتكب أفعاله هذه، كانت عملية دمج قد بدأت بين البنك الذي كان يترأسه ومصرف لبناني آخر (ف.)، وذلك بقرار من مصرف لبنان، الأمر الذي أدى إلى إلحاق الضرر بالبنك اللبناني (ف.)، فوجّهت إدارته كتاباً إلى أمين السجل العقاري في بيروت طلبت بموجبه تدوين رجوع المصرف عن طلب فك التأمين الذي كان المدّعى عليه رشيد قد طلبه، إلا أن الشاري رفض الطلب، عندئذ تراجعت إدارة المصرف عن الطلب الأخير تفادياً للدخول في نزاعات قضائية، وتوجّهت إلى المدّعى عليه رشيد، مطالبةً إياه بردّ ثمن العقار أو تقديم ضمانة بديلة، فما كان من رشيد إلا أن رفض ذلك، ما دفع إدارة مصرف (ف.) إلى تقديم شكوى بحقه.
هذه القضية التي تعود بدايتها إلى عشر سنوات مضت، انتهت أخيراً أمام محكمة جزاء بيروت، بحيث توصّل رئيسها القاضي باسم تقي الدين إلى خلاصة معززة بالوقائع المذكورة أعلاه، تفيد بأن المدّعى عليه رشيد، بصفته رئيس مجلس إدارة أحد المصارف اللبنانية العربية، ارتكب فعل إساءة الأمانة بأموال المصرف من خلال قيامه بفك التأمين عن العقار المذكور آنفاً وبيع هذا العقار، مستوفياً بذلك قيمة الحق العيني المذكور الذي يملكه المدّعي نقداً، ومن ثم الاستيلاء على ثمنه على النحو المبيّن في باب الوقائع، ما يقتضي تالياً إدانته وفقاً للمادة 672 عقوبات.