استمرّ موظفو المحكمة الدولية بتجاوز المعايير الدولية في مجال العدالة الجنائية عبر تسريبهم معلومات عن عدم تعاون وزير الداخلية زياد بارود مع طلباتهمنشرت صحيفة «دايلي ستار» في عددها الصادر أمس مقالاً عن تعاطي وزارة الداخلية والبلديات مع طلبات المحكمة الدولية الخاصة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ونقل الزميل حسين دكروب عن «مصادر مقربة من التحقيق» أن المحكمة طلبت من وزير الداخلية والبلديات زياد بارود الحصول على مستندات يقلّ عددها عما نقل في وسائل الاعلام. وتضمّن مقال دكروب، نقلاً عن مصدره، شكاوى من عدم تعاون بارود الكامل مع طلبات المحكمة، وانزعاج «رئيس دائرة التحقيق الدولي في مكتب بيروت فاليريو أكويلا» من عدم تزويده معلومات منها بصمات الموطنين ومعلومات من دوائر النفوس. ونشرت «دايلي ستار» كذلك نسخة عن مستند صادر عن المحكمة الدولية قالت إنه «يفصّل طلبات بلمار».
توضيحاً لما أوردته «دايلي ستار» وما نسبته إلى مصادر قريبة من المحكمة الدولية، توحي كأن وزارة الداخلية والبلديات قد تأخرت في تلبية طلبين واردين من مكتب المدعي العام، صدر عن وزارة الداخلية والبلديات أمس توضيح «خدمة للحقيقة» وتصويباً للأمور، جاء فيه أنها «تضع كل ما تقدّم في عهدة مجلس الوزراء، المعني الأول بالموضوع، ولو في فترة تصريف الأعمال، حيث لا يجوز أن يُترك أي وزير في الحكومة عرضة للاتهام المجّاني في ظل انقسام البلد حول مسألة بهذا الحجم». وجاءت الفقرات التالية في توضيح الداخلية:
لقد ورد إلى الوزارة طلب رسمي وخطي يرمي إلى الحصول على البصمات المتوفرة لدى وزارة الداخلية والبلديات، دون تحديد عددها:
“To provide a copy of the fingerprints records kept by the Ministry of Interior, preferably in an electronic version”
ما حدا بالوزارة إلى الإجابة خطياً مع الإشارة إلى أن الطلب يشمل، بالصيغة التي ورد بها، أكثر من أربعة ملايين بصمة متوفرة في مشغل بطاقة الهوية، ودعت المحققين، في الكتاب ذاته، إلى حصر الطلب بعدد معقول يخدم التحقيق ويأخذ بالاعتبار الانتظام العام اللبناني وواجب أي مسؤول لبناني في احترام هذا الموجب، وقد تجاوب المحققون مع هذا الاقتراح وحصلوا على بضع مئات من البصمات، وبصورة إلكترونية وُثّقت رسمياً وخطياً وثمة محاضر تؤكد ذلك.
تبعاً لذلك، طلب المحققون مطابقة البصمات بصيغتها الإلكترونية (electronic version)، مع الاستمارات (hard copies) العائدة لها، وهذه الأخيرة محفوظة منذ عام 1996، وبصورة عشوائية بكل أسف، في مخزنين من ثلاثة عائدة للأحوال الشخصية ويفوق عددها أربعة ملايين ملف. وقد اطلع المحققون شخصياً على حال المخازن ورأوا بأم العين وثبت لهم أن عملية جمع الاستمارات المطلوبة تستوجب فرز الملفات وأرشفتها، ما يتطلب وقتاً وتخصصاً واعتمادات مالية. وهذا كله موثق خطياً. وإذا كان هذا الواقع قد أدى إلى تأخير قسري لا مفر منه، فإنه لا يمكن اعتبار هذا التأخير على أنه مماطلة، خصوصاً أنه لم يكن يسع الوزارة أن تقبل باستقدام شركة خاصة لأرشفة ملفات بصمات اللبنانيين واللبنانيات وفق ما اقترحه المحققون إلا بعد الحصول على قرار من مجلس الوزراء بقبول هبة وإلا فبتخصيص اعتمادات مالية لهذا الغرض. وفي كل حال، فقد أبلغت الوزارة المحققين أنها، كسباً للوقت، قد كلفت مجموعة، برئاسة ضابط، البدء بفرز الملفات لتلبية الحصول على البصمات العشر الملحّة التي طلبها المحققون في 2/12/2010.
أما في إشكالية التسريب فأسفت الوزارة «أسفاً شديداً لاستباحة سرية التحقيق وما يرتبط به عبر نشر معطيات ومعلومات وأحياناً محاضر (نتحفظ على دقتها) من المفترض أن تكون سرية ومحصورة بالجهات المعنية فقط». وأضافت الوزارة إن ما نشرته «دايلي ستار» بهذا الصدد يثير قلقاً بشأن مصير المعلومات المصنفة (Classified).