يستمر موضوع أحوال السجون في لبنان أكثر المواضيع التي تُطرح باستمرار على مستوى المسؤولين والجمعيات الأهلية، لما له من صلة وطيدة بحقوق الإنسان والحاجة إلى الإصلاح، لكن دون نتائج بارزة، ودون حصول تحولات حقيقية في واقع هذه السجون، التي يُجمع المتابعون على أن فيها الكثير من المخالفات لأبسط المعايير الإنسانية. في هذا الإطار، عُقدت أمس جلسة للجنة حقوق الإنسان النيابية، برئاسة النائب ميشال موسى، وذلك بغية درس ومناقشة موضوع السجون من ضمن الخطة الوطنية لحقوق الإنسان، إلا أن الجلسة لم تحمل جديداً لناحية المباشرة بخطوات عملية لإصلاح واقع السجون، بل اكتفى الحاضرون بمناقشة خطط واقتراحات وتوصيات. ومما برز في الجلسة وضع النائب غسّان مخيبر ملخصاً تنفيذياً مع التوصيات، حمل عنوان «السجون في لبنان: بين القانون والواقع وحاجات الإصلاح». جاء في توطئة الملخص المذكور، أن التقرير الذي يتضمّنه يعالج موضوع إدارة السجون من زاوية حقوق الإنسان المسجون، لكونه يقع في إطار صياغة الخطة الوطنية لحقوق الإنسان. لذلك فهو لا يتطرق، إلّا لماماً، إلى موضوعي ضبط الأمن والتدابير الضرورية لمنع المساجين من الفرار، وهذا في غاية الأهمية، لكونه لا يتعلق مباشرةً بتلك الحقوق. ارتكز ملخص النائب مخيبر على عدد من الدراسات والتقارير والمؤتمرات والمقالات الصحفية المنشورة، التي وضعتها جهات لبنانية ودولية مختلفة. كذلك ارتكز، بحسب ما ذكر، على المشاهدات والملاحظات المباشرة لواضعه، الذي شارك في زيارات عدد من السجون اللبنانية، وهو استفاد أيضاً من الآراء والتجارب الشخصية لعدد من الأفراد الذين جرت مقابلتهم تمهيداً لوضع هذا التقرير. أما في المقدمة، فقد أشار مخيبر في تقريره إلى أنه يفترض بالسجون أن تكون حلقة من حلقات إقامة العدل، إذ إنّها تمثل المكان الذي تنفذ فيه العقوبة التي تحكم بها المحاكم وحدها، وذلك لمعاقبة مرتكبي الجرائم، ووضعهم في مكان منفصل عن المجتمع تحت حراسة أمنية، لكونهم يمثّلون خطراً على المجتمع، والوقاية من الجريمة عبر ردع المجتمع، والمجرمين بالذات، لمنعهم من الوقوع في التكرار، لكن فترة السجن يجب الاستفادة منها أيضاً، وخصوصاً لإصلاح المجرمين وتأهيلهم، ليكونوا مواطنين صالحين حين يعودون إلى المجتمع بعد انتهاء فترة احتجازهم.
تطرق التقرير إلى أبرز المشاكل التي تعانيها السجون في لبنان، مع شرح واف لها، وهي: الاكتظاظ الشديد، انتهاك الحقوق والأصول بنسب متفاوتة بين سجن وآخر (عدم تصنيف السجناء بالطريقة المناسبة)، عدم تناسب الأبنية المستعملة بالنسبة إلى عدد غرفها وأسرّتها وقاعاتها وهندستها، عدم توافق الإطار التشريعي والإداري مع متطلبات علم إدارة السجون والسياسة العقابية، عدم توافر الإمكانات المالية المناسبة لتطوير جميع الخدمات الضرورية وفق «القواعد الدنيا». أما عن سبب التأخر في معالجة المسببات، فكان، غياب الإرادة الجدية للإصلاح لعقود، وعدم اعتبار تحسين وضع السجون من الأولويات، وبالتالي غياب الخطط والسياسات التشريعية والقضائية والإدارية والمالية الواضحة لتحقيق ذلك.