بنت جبيل ـ العدوان الإسرائيلي على لبنان صيف 2006 خلف دماراً كبيراً، وخاصة في القرى الحدودية. لتسهيل عملية إعادة بناء تلك القرى، صدر قرار يسمح باعتماد تراخيص بناء صادرة عن البلديات. قبل نحو شهرين، بل أكثر، أوقف العمل بتراخيص البناء التي كانت معتمدة عبر المجالس البلدية، وذلك بقرار صادر عن وزارة الداخلية. قلة توقعوا أن يكون لهذا القرار تأثير على معيشة الناس، لكن يبدو أن العودة إلى الإجراءات القديمة في إصدار التراخيص انعكست سلباً الوضع المعيشي لقرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون، إذ يعتمد أهالي هذه المنطقة إلى حدّ كبير على السيولة النقدية التي تُنفق على أعمال البناء.
ينتظر أصحاب المصالح العودة عن هذا القرار، «لتعود الحياة إلى سابق عهدها» كما يرددون. في كلام إلى «الأخبار» بيّن عدد من الأهالي أن «قرار وقف تراخيص البناء كان في غير محلّه، وخصوصاً في بلدات مثل عيتا الشعب، التي لم ينته أبناؤها بعد من عملية إعادة بناء ما تهدّم من أبنيتها في حرب تموز». ويوضح المواطن ماجد جميل أن «أبناء عيتا الشعب نظّموا اعتصاماً الأسبوع الماضي شارك فيه عدد كبير من الأهالي، من بينهم أكثر من 60 مواطناً قبضوا مستحقّاتهم من التعويضات عن منازلهم المهدّمة خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006، ولم يتسنّ لهم البدء بإعادة البناء؛ لأن قرار وقف تراخيص البناء شمل الجميع، وقد عمدت القوى الأمنية إلى تنفيذ القرار ومنع أي بناء جديد». يوضح حسن سرور أن «وقف تراخيص البناء شلّ حركة الإعمار نهائياً، وبالتالي شلّ الحركة الاقتصادية في المنطقة؛ فمعظم الأهالي يعتمدون في معيشتهم على ورش البناء، سواء أكانوا من أصحاب المهن أو من التجّار، حتى إن المزارعين يجمعون الأموال بصعوبة لبناء منازلهم أو ترميمها وتحسينها». يستفيض سرور في شرح أحوال أهالي القرى الحدودية، فيقول إن «أراضي البلدة والبلدات المجاورة لم تُمسح عقاراتها بعد، لذلك فإن الحصول على رخص من التنظيم المدني أمر مكلف ومتعب جداً، لذا نطالب المعنيين بضرورة العودة عن هذا القرار، أو استثناء أصحاب الحاجة والمضطرّين أمثالنا، وخصوصاً الذين لم يعيدوا بعد بناء بيوتهم المهدّمة في حرب تموز، بسبب تأخّر عملية دفع التعويضات». علي قماطي، صاحب معمل لحجارة الباطون، توقّف عمله الآن، بسبب توقف أعمال البناء، وصرف على حدّ قوله عشرة عمّال حتى الآن. ويقول التاجر أحمد دهيني (وهو من بلدة طورا) إن «أبناء بنت جبيل ومرجعيون المقيمين، هم أكثر المتأثّرين بقرار وقف رخص البناء؛ لأن عملية بناء المنازل لها في هذه المنطقة الدور الأكبر في تحريك العجلة الاقتصادية. فمعظم المقيمين في البلدات هم من الفقراء والمزارعين، أو من أصحاب المهن الصغيرة التي يعمل أصحابها في ورش البناء الجديدة التي يقوم المغتربون عادة بدفع الأموال لبنائها؛ لأن المغتربين هم الذين يبنون المنازل، ويستفيد من بنائها العمال والتجار في المنطقة. واللافت أن الجميع ينتظرون العودة عن القرار، لذلك لا يذهب أيّ من المواطنين إلى التنظيم المدني خوفاً من تحمّل مبالغ مالية كبيرة لإنجاز الرخص في الوقت الذي يبشّر فيه بعض المعنيين ورؤساء البلديات بالعودة قريباً عن قرار وقف التراخيص شبه المجانية». وتبيّن المزارعة ربيعة فواز أن «الحركة الاقتصادية في المنطقة الحدودية تعتمد على الأموال التي تدفع على بناء المنازل الجديدة. فمعظم أبناء بنت جبيل المقيمين، ما عدا الموظّفين، يعملون بنجارة الباطون وتجارة الخرضوات ومهن البناء المختلفة، ومن يرد إحياء المنطقة ودعم صمود أبنائها فعليه أن يسهّل عليهم عملية بناء منازلهم ويسهّل عملية ترخيص البناء».