قدر اتحاد بلديات الشقيف انتشار بلداته في جهات أربع، ما يضاعف من عدد المشاريع والمهمات لكي تستفيد من إيجابيتها جميع البلدات والبلديات المنضوية تحت مظلة الاتحاد والبالغ عددها 29. لذلك، وتحت سقف توزيع المشاريع «بالقسطاس»، يبقى الصندوق المالي للاتحاد في حالة عجز دائم، متوارثة من مجلس إلى آخر.وإذا كانت مستحقات الاتحاد «المنظورة» عند الصندوق البلدي المستقل عن عام 2009 قد بلغت ملياراً وخمسين مليون ليرة لبنانية (بعد حسم 40% من قيمة جمع النفايات)، وملياراً ومئة مليون من مشاريع التنمية عن عامي 2008 و2009، فضلاً عن مليارين و500 مليون ليرة مستحقات على البلديات الأعضاء (عن الأعوام السابقة المتراكمة منذ 2004 حتى 2009)، فإن كلّ مشاريع الاتحاد تبقى رازحة تحت مظلة الانتظار لارتباطها بما يجري تحصيله تباعاً. يضاف إلى ذلك الخلل الإداري الواضح الذي يعانيه الاتحاد، إذ يقتصر عدد الموظفين في الملاك على اثنين فقط، (أمين صندوق ومساعد مفوض شرطة)، ما اضطر رئاسة الاتحاد إلى استخدام سبعة أجراء لتسيير الأعمال.
يعترف رئيس الاتحاد، الطبيب محمد جابر بهاتين المشكلتين في معرض حديثه عن الصعوبات التي تواجه عمل الاتحاد: «الوضع المالي متراجع، والوضع الإداري أكثر تردياً. حين وصلت وجدت ملاكاً إدارياً ووظيفياً هزيلاً، لا يستطيع الموظفون والأجراء فيه إدارة الحد الأدنى من أعمال أصغر بلدية في أصغر قرية في الجنوب».
مثلاً، ليس في الاتحاد أي دائرة فنية، «أعمل اليوم على إعادة تأسيس دوائر الاتحاد، وما أنجزه الرؤساء السابقون كان بمجهود فردي وبقدرات تكاد تكون معدومة» يقول جابر. ربما كانت بعض الشوائب في ما أنجزه أسلافه من رؤساء الاتحاد «لكن من الطبيعي أن يكون العمل أفضل في ظل دائرة فنية ودائرة هندسية ودائرة صحية، ما يحدّ حتماً من العشوائية».
على الرغم من هذه المشاكل، يبدو جابر مرتاحاً في الحديث عن مهماته وخصوصاً أنه «مطلق اليد في العمل» يقولها «بكل شفافية وصراحة: لا أحد يتدخل في عملي من الأطراف السياسية مجتمعة». إشارة إيجابية إلى الاتحاد الذي تخطّى في عهده الجديد أزمة سياسية أبعدت عام 2004 رئاسة الاتحاد ونائبه عن بلدية النبطية عملاً بالعرف القائم منذ إنشائه، إذ أفضى التوافق السياسي المسبق بين «حركة أمل» و«حزب الله» إلى الإتيان بنائب رئيس بلدية النبطية محمد جابر رئيساً له. «كان العنوان الكبير إعادة الاتحاد إلى النبطية، بمعنى أن يكون الرئيس من النبطية، من بلديتها، وهو عُرف متبّع منذ إنشائه في عام 1982 وكان يتألف حينها من عشر بلديات ومركزه النبطية. وبسبب التنافس السياسي بين حركة أمل وحزب الله في انتخابات 2004، خرج الاتحاد من النبطية. أما الآن وفي ظلّ الوفاق بين الطرفين ورعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، فثمة إصرار على عودة الاتحاد إلى المدينة».
وبالعودة إلى مشكلتَي المال والإدارة، يوضح جابر أن «الإمكانات المادية محدودة جداً، والعمل المطلوب يجب أن يتوزّع بين 29 بلدية. في المقابل لا تدفع هذه البلديات مستحقاتها المالية للاتحاد. مثال على ذلك، بلدية النبطية التي يأتيها مردود مالي من الصندوق البلدي المستقل أكثر من الاتحاد. والسبب أن ثمّة جباية في بلدية النبطية، فيما جباية الاتحاد معدومة. أنا لا ألوم البلديات هنا بسبب فراغ صناديقها، بل نحن لنا ما نسبته 10% من موازنة البلدية الفعلية، لا نحصل منها على 1%، وربما هناك 4 أو 5 بلديات تسدّد مستحقاتها، منها حبوش وكفررمان، لكن لا يمكن تنفيذ المشاريع من دون المال. وأخيراً تعهد رئيس بلدية النبطية الدكتور أحمد كحيل بدفع المستحقات حتى نتمكن من تنفيذ المشاريع المشتركة للنبطية والجوار. الصعوبة المالية هي الأكبر وهي التي تحد من حركتنا. المطلوب منا كثير، لكن العين بصيرة واليد قصيرة».
من هنا ينطلق جابر إلى مشكلة الاتجاهات المتشعبة لبلديات الاتحاد «نعمل على توزيع المشاريع من خلال سلّم الأولويات. الكلّ بحاجة للشغل، وقد نفّذ الاتحاد في الفترة السابقة طرقات تصل بين عشرين قرية كلفت نحو عشرة مليارات ليرة. ندرس حالياً أمر بعض الوصلات، والكلفة المقدرة خلال خمس سنوات هي نحو خمسة مليارات ليرة لبنانية. أعمل أنا ولجنة هندسية مؤقتة من رؤساء بلديات في الاتحاد، متطوعين، (رئيسا بلديتي حبوش والنميرية محمد مكي وعلي زبيب، وهما مهندسان) على إعداد بعض الدراسات». ويلفت إلى إيجابيات «خروج قرى إقليم التفاح عن نطاق الاتحاد بسبب طبيعته الجغرافية، ما أزاح الأعباء عن كاهل الشقيف».
تبقى المشكلة الأبرز التي تعرفها المنطقة، والتي شهدت أكثر الجلسات صخباً في الاتحاد، وهي مكبّ النفايات. يقول جابر «لقد واجهت فيها لغماً كبيراً مع وصولي الى الاتحاد، إذ أقفل مكب النفايات نتيجة خلل مالي بين الشركة وبين بلدية كفرتبنيت، حيث يقع المكب. أنا هنا تمسكت بالقانون، ووجدت أن لا وجه حق في تحميل الاتحاد مسؤولية هذه المشكلة المالية، في ظلّ عقد بين الطرفين يحكم. في النهاية سوّي الأمر وحُلّت بالتي هي أحسن، وفككنا ذلك اللغم الكبير، مع أن البعض كان يرى أن يتحمل الاتحاد أعباء هذه المشكلة. قلنا: إن الاتحاد ليس جمعية خيرية أو قجة (حصالة)، وكنت مصرّاً على التمسك بالقانون لأن ما يبنى على الباطل فهو باطل، ولم أرغب في أن أبدأ ولايتي باللعب على القانون، وسأنهي ولايتي على النمط عينه، تحت سقف القانون». وفي هذا الإطار يذكر أن مناقصة النفايات رست هذا العام على «شركة الجنوب للمقاولات»، التي اتفقت مع بلدية كفررمان على مكبّ يقع عند التلال الشرقية للبلدة. المناقصة أُرسلت إلى مجلس الوزراء وعندما تأتي الموافقة سيوقع عقد ملزم بين الاتحاد والشركة، بقيمة مليارين و800 مليون ليرة.
أزمة النفايات التي تسبب قلقاً دائماً للاتحاد في طريقها إلى الحل. يقول جابر: «إذا سارت الأمور كلّها في المسار الصحيح فسيكون العمل جاهزاً بعد 18 شهراً، مع إنجاز أول معمل لمعالجة النفايات الصلبة في الاتحاد في وادي الكفور. نحن نعرف أن الأزمة كبيرة وهي قائمة منذ سنوات طويلة، وإمكانات البلديات محدودة، هناك بلديات ليس فيها حتى سيارة نفايات».
ثمة مشكلة عالقة هي الأخرى على عاتق الاتحاد منذ سنوات طويلة، هي مشكلة المجاري الصحية لمدينة النبطية وجوارها التي تصب قرب بلدة النميرية وتترك آثاراً سلبية على المحيط البيئي والزراعي «القضية في طريقها إلى الحل، سنشغّل محطة التكرير التي بنتها الحكومة الفرنسية، خلال أشهر قليلة، فنحل جزءاً من هذه المشكلة».



ولد عام 1982

أنشئ «اتحاد بلديات الشقيف» بموجب المرسوم رقم 5419 بتاريخ 20/9/1982، وكان الاتحاد البلدي الأول في الجنوب وبلدياته عشر هي: النبطية، النبطية الفوقا، كفررمان، حبوش، كفرتبنيت، الكفور، زبدين، حاروف، ميفدون والشرقية. يتألف من سلطتين تقريرية وتنفيذية. يفترض أن يعاون السلطة التنفيذية جهاز موظفين يرأسه مدير الاتحاد (ليس قائماً حالياً)، ويتألف من جهاز هندسي، صحي، إداري، مالي وجهاز شرطة.
مع انتخابات عام 1998، وبمرور السنوات، اتسّع نطاق الاتحاد ليضمّ 29 بلدية هي إلى الوادرة أعلاه: جبشيت، زوطر الشرقية، زوطر الغربية، دير الزهراني، قاقعية الجسر، الدوير، يحمر، النميرية، عبا، شوكين، أنصار، زفتا، عدشيت، أرنون، سينيه، صير الغربية، القصيبة، بريقع، وكفرصير.