حلّ رأس السنة ثقيلاً على السجناء في سجن رومية المركزي، فمشاكل السجناء لا تزال بلا حلول لكنهم رغم ذلك أرادوا أن يعيشوا الفرح. سهر بعضهم في لعب الورق فيما قضى آخرون وقتهم في مشاهدة التلفاز. وبين لعب الورق ومشاهدة التلفاز حصل بعض السجناء على «عيدية» من الضابط المسؤول
بعدما سمح الأخير لمن يريد من السجناء استثنائياً زيارة زملائهم في الزنازين الأخرى للسهر والسمر لمناسبة قدوم السنة الجديدة.
انتهت سنة لتبدأ أخرى ولا يزال السجن المركزي بمشاكله على حاله. الموقوفون احتياطياً لا يزالون كثراً. كذلك حال الموقوفين الأجانب الذين تعجّ بهم الزنازين بدل ترحيلهم. يضاف إلى ذلك مشكلة الاكتظاظ، فالسجن المركزي الذي يتّسع لـ1500 سجين، محشورٌ فيه نحو 5000 سجين. فضلاً عن مسألة انتشار الحبوب المخدرة بين السجناء لتقطيع الوقت والتي تشارك أحياناً عناصر من قوى الأمن الداخلي في ترويجها بينهم. ورغم كل ما ذُكر يبقى هناك المزيد، فقد افتتح نزلاء السجن المركزي أول يوم من أيام سنتهم الجديدة بشبه انتفاضة كادت أن تتطوّر لولا الحكمة في معالجتها، فقد نقل عدد من زوّار سجن رومية المركزي شكواهم لـ«الأخبار» من ضابط مسؤول عن تنظيم دخول الأهالي والزيارات، الرائد وليد حرفوش. تحدّث هؤلاء عن معاملة سيئة وغلاظة في الطباع يلقونها من الضابط المذكور. انطلاقاً مما سبق، نقل هؤلاء سبب الخلاف الذي حصل في بداية السنة الجدية. فقد حصل تلاسن بين الضابط حرفوش وبعض الأهالي الذين قدموا لزيارة أبنائهم في أول أيام العيد،إذ نقل الضابط المذكور للأهالي القرار بمنع إدخال الحلوى إلى السجن. استنكر الأهالي قرار المنع وارتفعت الصيحات المستنكرة. تدخّل الضابط لتهدئة الوضع فحصل تدافع بينه وبين زوجة أحد السجناء من آل المصري. الخلاف الذي حصل في الخارج وصل إلى السجناء في الداخل. ثارت ثائرة العديدين منهم وتحديداً في مبنى المحكومين. انتفض هؤلاء ورموا ربطات الخبز التي قُدّمت لهم لطعام الفطور. أعلنوا أنهم سيبدأون إضراباً احتجاجياً للمطالبة باستبدال الرائد وليد حرفوش، مبدين استغرابهم للطريقة التي استُقبل بها أهاليهم في يوم العيد. وفي هذا السياق، ذكر أحد السجناء لـ«الأخبار» أن بعض عناصر قوى الأمن الداخلي يعاملون أهالي السجناء بطريقة غير لائقة. كذلك ذكر سجينٌ آخر أن الضابط ربما يُريد أن تُنقل خدمته من السجن ولذلك يفتعل الخلافات مع الأهالي، لافتاً إلى أنها ليست المرّة الأولى التي يفعل بها ذلك. وأشار السجين المذكور إلى أن الضابط حرفوش يعمد في بعض الأحيان إلى رمي الطعام الذي يجلبه إلى الأهالي بطريقة استفزازية من دون أن يُحدّد السبب.
تضاف إلى ما سبق مسألة لا تزال قيد التجاذب وهي آلية عمل الجمعيات الأهلية داخل السجن المركزي، إذ تنقسم وجهات النظر حيال القضية المذكورة، فهناك من يرى أن لا فائدة من عمل هذه الجمعيات التي ترفع راية مساعدة السجناء لجمع الأموال من المتبرّعين لغايات شخصية، وبالتالي لا فائدة مما يقدّمه هؤلاء لأن هدفهم الأوحد استغلال اسم السجناء ومعاناتهم لجني الأموال. في المقابل، يتحدّث آخرون عن تضييق يمارسه الضبّاط المسؤولون عن السجن على عمل هذه الجمعيات. فيُشير هؤلاء إلى أن أوامر الضباط تعوق عملهم بحيث يُصبح الخاسر الأكبر السجين لا غير. وبين مؤيّد ومعارض لعمل هذه الجمعيات يبرز رأي معتدل يتحدّث عن تنظيم عمل هذه الجمعيات داخل السجون، فتتكاتف القوى الأمنية والجمعيات الأهلية للنهوض بالسجن وتوفير أقصى ما يمكن للسجين.
بناءً على ما سبق، قصد ممثلون عن بعض الجمعيات الأهلية العاملة في سجن رومية المركزي مكاتب «الأخبار» حاملين كتاباً عدّوه بمثابة صرخة يريدون إيصالها إلى وزير الداخلية والبلديات زياد بارود. تحدّث هؤلاء عن تضييق يمارس عليهم من إدارة السجن المركزي عبر مذكرات خدمة داخلية لعناصر قوى الأمن الداخلي تُحدد الممنوعات والمسموحات على هواها من دون مراعاة لموافقة هذه المذكرات القانون الفعلي. وتحدّثوا عن قيود فُرضت أخيراً على نشطاء الجمعيات لكنها باتت تعوق عملهم داخل السجن، فأشار أحدهم إلى أن العناصر المكلّفين بالحراسة يفتشونهم في كلّ مرّة يدخلون فيها ويخرجون من دون مراعاة لطبيعة عملهم التي تستلزم توفير ما يمكن من الوقت. وذكر رئيس إحدى هذه الجمعيات لـ«الأخبار» أن المسؤولين في السجن يؤخرون تقديم المعالجة اللازمة للسجناء المحتاجين لها من دون مراعاة لما يترتب من أخطار على صحّة السجين.


لقطة

شكوى بعض الجمعيّات الأهليّة العاملة في سجن رومية المركزي من الإجراءات المفروضة داخل السجن، أرجعها متابعون لملفّ السجون إلى الضرورات الأمنيّة التي يقتضيها ضبط الأمن داخل السجن المركزي. أما ما يتعلّق بآلية عمل الجمعيات بين السجناء وجدوى عملها، فأشار هؤلاء إلى أنه يجب أن يكون هناك برنامج عمل يُنظّم عملها كي لا يؤخذ الصالح بجريرة الطالح. في الإطار نفسه، أشارت أوساط من داخل السجن المركزي إلى أن الفوضى تطغى على عمل الجمعيات داخل السجن بغضّ النظر عن الخوض في ما تُقدّمه هذه الجمعيات للسجن والسجناء، ولفتت الأوساط نفسها إلى ضرورة عقد ورشات عمل لضمان التنسيق بين الجمعيات المختلفة.


بانتظار الحلّ الشامل

وضع وزير الداخلية والبلديات زياد بارود مشروعاً بتمويل إيطالي لتحسين الأوضاع المعيشية في السجون اللبنانية، علماً أنه أُعلن سابقاً أن قيمة المشروع لا تتخطى الـ400 ألف يورو فقط. ويشار إلى أن خطة إنجاز المشروع تقوم على مستويات مختلفة، بدءاً من إصلاح المطابخ في كل من سجن رومية المركزي وسجن زحلة. يضاف إلى ذلك، العمل على خطّة استراتيجية للإصلاح مبنيّة على أول دراسة شاملة لأوضاع السجون في لبنان التي يُتوقّع أن تنتهي في الربيع المقبل. وفي هذا السياق، تُشير أوساط متابعة لهذا الملف إلى أن الوزير زياد بارود يبحث عن حل شامل باستراتيجية مدروسة للانتهاء من مشكلة السجون تمهيداً لانتقال إدارة السجون إلى سلطة وزارة العدل.