يبدو أنه سيأتي اليوم الذي سيستغني فيه أبناء قرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون عن شراء التفاح، بعدما امتلأت بساتينهم بتلك الثمار. خبر هام للجنوبيين، لكن ما هو أكثر «أهمية» هو أن هؤلاء تنبهوا للتفاح، بعد رؤية تفاح عدوّهم في الأراضي المحتلة المواجهة لقراهم. هناك، حيث انتشرت بساتين التفاح على مقربة من مستعمراته الملاصقة للحدود مع لبنان.
«كان المزارعون الجنوبيون لا يعلمون بأن مثل هذا النوع من الزراعات يمكنه النجاح في مناطقهم الزراعية»، يقول المزارع حسن حرز، من بلدة مجدل سلم في قضاء مرجعيون. فهذا الرجل الذي تعرف إلى تلك الزراعة حديثاً، لم يكن يعرف أنها «قد تعيش هنا، فنحن نعرف أنها تحتاج إلى أماكن باردة ومرتفعة جداً، على سبيل المثال جبل لبنان وإقليم التفاح وغيره». لكن، مع الوقت، تبين «عكس ذلك، فقد اكتشفنا أن هناك أنواعاً كثيرة من أشجار التفاح يمكنها النمو في المناطق المتوسطة الارتفاع، أي في حقولنا الزراعية». فمتى بدأت زراعة التفاح في الجنوب؟ يلفت حرز الى أنه «بعد تحرير القرى الأمامية، شاهد الأهالي بساتين التفاح المنتشرة داخل فلسطين المحتلّة وعلى مقربة من الحدود، فتنبّهوا الى أن هذا النوع من الزراعة يمكنه النجاح أيضاً في قرانا، فبدأوا بزراعته تباعاً». ويذكر المزارع محمد شيت، من بلدة كفركلا أن «عدداً من المزارعين من أبناء القرى المحتلة بدأوا بزراعة أشجار التفاح في منازلهم منذ أيام الاحتلال، بعدما شاهدوا بساتين التفاح في فلسطين المحتلّة، لكن هذه الظاهرة لم تنتقل الى خارج قرى الشريط المحتلّ، بسبب عدم قدرة هؤلاء على التواصل مع أبناء القرى التي لم تخضع للاحتلال». أضف إلى ذلك أن «عدد المقيمين في قرى الشريط الحدودي كان قليلاً جداً»، يتابع. وعن مكان زراعتها الأول، يقول المهندس الزراعي حسين جابر إن «انتشار زراعة أشجار التفاح في هذه المناطق بدأ في الأماكن المحيطة بنهر الوزاني بسبب غزارة المياه فيها، وكونها تحتاج إلى الكثير من الري، لكن لا يعني ذلك أن مناخ هذه المنطقة يسمح بزراعة كل أنواع التفاح، إذ إن هناك أنواعاً لا يمكن زراعتها إلا في الأماكن التي ترتفع عن سطح البحر أكثر من 1500 متر». ويشير جابر الى أن «هذا النوع من الزراعة منتج، لكنه بحاجة الى اهتمام ورعاية خاصة، وبالتالي توعية المزارعين على كيفية استخدام المبيدات الزراعية التي تحتاج إليها هذه الزراعة». ثمة ما يعانيه التفاح هنا، وهو «مشكلة تسويق الإنتاج، الذي يعاني من عدم اهتمام الدولة ورعايتها، فلا يزال لبنان يستورد أنواعاً من التفاح من الدول المجاورة، ولا يهتم بتصدير إنتاجه المحلّي»، يضيف جابر.