في الغالب، تتشابه منتجات التعاونيات الزراعية في لبنان على نحو لافت، الى درجة تفقد معها القدرة على التمييز بينها، فلا يعود يفرق بينها إلا ملصق صغير يحمل اسم التعاونية المنتجة والمصنعة. مع ذلك، يبقى لبعض الجمعيات طعمها الخاص، إذ تسعى هذه لـ «الانفراد والتميّز» ولو من خلال زراعة نوع متميز من النبات أو تصنيع منتج يلقى الرواج والتصريف، سواء في السوق اللبنانية أو العربية والعالمية.
ومن بين هذه التعاونيات، تبرز تعاونية الأميرة لتصنيع الإنتاج الزراعي في دار الواسعة وجوارها. فمنذ تأسيسها عام 2009، حرصت «الأميرة» على مبدأ التميز عن مثيلاتها من خلال الاهتمام بزراعة نبتة «اللافندر» وتصنيعها. واليوم يبدو أن في جعبة التعاونية منتجاً زراعياً «غذائياً وطبياً»، كما تؤكد نوفة جعفر، رئيسة التعاونية، إذ كشفت هذه الأخيرة عن نجاح زراعة وتصنيع ثمار وبراعم نبتة «القبار» أو «الشفلح» (Cappris Spinosa)، حيث سجل لهذا المنتج «رواج كبير» في معرضي «أرضي» و«نوارة». وتعدّ نبتة «القبار» من النباتات البرية البعلية التي تنمو في الأراضي الفقيرة والمتروكة من دون خدمة، كنبات الصبار والكمأ. وبحسب جعفر، يزخر البقاع بزراعات تقليدية تحد من موارد المزارعين «علماً أن التجارب أثبتت أن في الإمكان الاعتماد على زراعات بديلة أخرى، منها القبار، إذ إن بإمكان هذه النبتة أن تسهم في غنى الصناعات الغذائية من جهة، وتوفير منتج عالمي يساعد المزارعين على تحقيق الأرباح». ولفترات طويلة، كان القبار من النباتات التي يعتقد بعض المزارعين أنها مضرة، فيلجأ إلى اقتلاعها وإحراقها، لكن جعفر أوضحت لـ«الأخبار» أن التجارب التي أجرتها مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية أثبتت أنها من «الزراعات الناجحة التي تناسب أراضي زراعية في البقاع، الأمر الذي دفعنا في التعاونية إلى استقدام وغرس شتولها، فضلاً عن استغلال البعلي منها في بعض القرى، والعمل على تصنيع براعمها وأزهارها كمنتج زراعي غذائي، تنفرد تعاونية الأميرة به».
وعن زراعتها، تشير جعفر إلى أن نبتة القبار «تزرع ما بين شهري تشرين الثاني وكانون الأول، على أنها تبدأ بإنتاج البراعم والأزهار التي تستخدم في التصنيع، بعد مرور عام على زراعتها». أما إنتاجية هذه النبتة، فتزداد مع مرور الوقت لتبلغ «إنتاجيتها في السنة الرابعة لزراعتها 3 كيلوغرامات من البراعم والأزهار من الشتلة الواحدة التي تقطف مرتين في الأسبوع، ما بين شهري آب وأيلول من كل عام». وعن طريقة تصنيعها، تشرح جعفر أن البراعم «العنبية الشكل، وذات اللون الأبيض أو الزهري تقطف وتفرز وفقاً لحجمها، ومن ثم توضع في عبوات زجاجية (مراطبين)، مع إضافة محلول من الماء والملح بنسبة تراوح ما بين 10 و20%، والخل بنسبة 4% ويحكم إقفالها لمدة زمنية تتعدى الشهر، تصبح من بعدها صالحة كأحد أهم التوابل الخاصة بالفروج واللحم والسمك». رئيسة تعاونية الأميرة أكدت أن «منتج مخلل القبار لاقى رواجاً كبيراً في المعارض الزراعية، وذلك من خلال تنامي الطلب عليه»، مشيرة إلى «أحد العروض الأوروبية التي ما زلنا ندرسها مع إمكان عدم حصول اتفاق، بالنظر إلى أن العرض يقضي بتوفير كمية كبيرة سنوياً، لا يمكننا تأمينها مع محدودية تأمين الشتول التي نحصل عليها بالقطّارة».
المهندس الزراعي حمد جعفر يشير إلى أن القبار عبارة عن «شجيرة معمرة لأكثر من 20 عاماً، ويراوح ارتفاعها ما بين 50 و80 سنتيمتراً، وعرضها ما بين متر ومتر ونصف متر، ولها جذع قصير تتفرع منه أغصان صغيرة تحمل ما لا يقل عن 200 إلى 300 برعم، فيما جذورها عميقة وتصل إلى مترين»، الأمر الذي يفسر برأيه «إمكان زراعتها ونموها في الأراضي الكلسية والفقيرة، وتحمّل المناخ شبه الصحراوي ونسبة أمطار لغاية 200 ملم». وفي كل الأحوال، بدأت رقعة زراعة القبار تتوسع في بعلبك ـ الهرمل، وبحسب جعفر «ستؤدي هذه الزراعة قريباً دوراً كبيراً على الصعيد الزراعي والاقتصادي، فيما لو اهتمت الدولة بها، وأسهمت في تقديم الدعم لجهة توفير أسواق للتصريف، وخصوصاً أن هذه الزراعة بدأت تشهد انتشاراً واهتماماً في دول الجوار».
ليس هذا فحسب، فقد أثبتت الدراسات العلمية، وخصوصاً لدى «الطليان» بحسب جعفر، أن القبار «بمثابة صيدلية طبية علاجية لعدد كبير من الأمراض، منها فقر الدم وتنظيف الكلى وتصلب الشرايين والروماتيزم واضطرابات الجهاز الهضمي، فضلاً عن مضاهاته لكل المنشطات الجنسية».