في مدينة جونية أكثر من مئة بيت أثريّ تقع بغالبيّتها على شاطئ البحر. الخبر ليس في العدد، بل في ما يعمد إليه مالكو تلك البيوت؛ إذ «يطمحون» إلى هدمها. لكن ما يشفع هنا أن تصنيف المدينة القديمة والبلدية يمنعان هذه الكارثة، فالقرار هنا واضح: بيوت جونية ترمّم ولا تهدم. غير أنه مع وضوح القرار، ثمة من يحاول التحايل عليه.
في هذا الإطار، يقول رئيس بلديّة جونية أنطوان افرام إن «بعض المالكين لا يستحصلون على أية رخصة لترميم بيوتهم، ويعملون على العبث بها ليلاً». لهذا، تتعامل البلدية بصرامة في هذا الموضوع، فمن يقدم على هدم بيتٍ أثري، تضع إشارة على عقاره فلا يعود بإمكان صاحبه التصرف به أو إنشاء بناء عليه. وقد طبق هذا الأمر مع شخص واحد حتى الآن. أما الأشخاص الذين يريدون ترميم منازلهم، فيحصلون على رخصة بذلك من البلديّة والمديرية العامة للآثار، «وذلك بعد تقديم ملفّ كامل يتضمّن الخريطة التي سيجري الترميم على أساسها والمعايير الفنيّة والهندسيّة التي ستعتمد خلال الترميم، على أن يدرس الملفّ قبل إعطاء رخص الترميم». ويشير افرام إلى أن «كثيرين من أبناء جونية اتبعوا الخطوات القانونيّة المطلوبة من أجل ذلك». أمّا بالنسبة إلى البيوت الأثريّة المهملة التي تترك من دون صيانة والمصابة بانهيارات، فتعمد البلديّة إلى إنذار أصحابها بضرورة صيانتها، وإذا لم يمتثلوا لذلك، يجيز القانون للبلديّة أن ترمّمها على نفقتها الخاصّة، على أن تطالب المالكين بالمال بعد ذلك.
على هذا الصعيد، يشير افرام إلى أنّ البلديّة استملكت في سوق جونية القديم بناءً أثريّاً كان صاحبه قد استحصل في فترة سابقة على رخصة غير قانونيّة، أجازت له بناء سبع طبقات فوق البناء الأثريّ. وقد عمدت البلديّة إلى إزالة المخالفة، على أن تبدأ قريباً أشغال الترميم. ويذكر افرام بأسف قصّة هدم فيلّا بيت البيطار في فترة سابقة في جونية من خلال الحصول على «إذن قانونيّ بذلك»، واصفاً الأمر بـ«الجريمة بحقّ المدينة». خلال الـ40 سنة الماضية، تغيرت هوية جونية بنحو فظيع بسبب الضغط السكاني خلال الحرب و«اجتياح» المنتجعات السياحية لشواطئها، وغزو البنايات العالية للشوارع الخلفية. مع ذلك، بقي شارع «المينة الجديدة» يحافظ على طابع المدينة القديم. ويؤكد افرام أن البلديّة ستعمد في الفترة المقبلة على إعادة مسح البيوت الأثريّة تمهيداً لإدراجها على لائحة الجرد العام للبيوت الأثريّة، بالتعاون مع مديريّة الآثار. ويزور في هذا الإطار وزير الثقافة غابي ليّون المدينة قريباً، ويجول على عدد من البيوت الأثريّة فيها.
يبقى أنّ المبنى البلديّ في جونية، الذي يعود بناؤه إلى عام 1879، بحاجة بدوره إلى «عمليّة تجميل»، كما يقول افرام، و«سيأتي دور تأهيله وصيانته بعد الانتهاء من تحسين المدينة قبل تحسين بيتنا».