دخلت قضية تلويح تسعة أعضاء من بلدية طرابلس باستقالاتهم، احتجاجاً على أداء رئيس المجلس البلدي نادر غزال، مرحلة جديدة من التأزيم والمراوحة في آن واحد. والسبب وجود تعارض حاد في وجهات النظر بين الأطراف المعنية، وعدم توافق القوى السياسية على إيجاد مخرج للأزمة من قبيل فرط المجلس البلدي وإجراء انتخابات فرعية.
ففي الوقت الذي يسعى فيه الأعضاء التسعة إلى زيادة عدد الموقّعين إلى 13 عضواً، أي النصف زائداً واحداً، بما يؤدي تلقائياً إلى فرط المجلس البلدي، أقدم عضو البلدية عبد الله الشهال، المحسوب على «تيار المستقبل»، على تقديم استقالته لمحافظ الشمال ناصيف قالوش، ما جعل الوضع يزداد تعقيداً وتأزّماً. واللافت في استقالة الشهال أنها جاءت من خارج سياق حركة الأعضاء التسعة، وطرحت تساؤلات عن الموقف الفعلي للتيار الأزرق ممّا يجري في بلدية طرابلس، وخصوصاً أن عضو البلدية الآخر، المحسوب من حصة التيار أيضاً جلال حلواني، هو من ضمن مجموعة الأعضاء التسعة. ونقل عن الشهال قوله إنه «أقدم على استقالته لأنه يريد أن يكون خارج الاصطفافات بين الفريق المعارض لرئيس البلدية والفريق الداعم له، ولا يريد الدخول في متاهات بعد بلوغه من العمر 77 سنة»، مضيفاً أن «اتهام غزال للأعضاء المعارضين له بأنهم قاموا بخطوتهم بعد فتح هيئة التفتيش المركزي ملفات بعضهم، دفعه لكي يقوم بخطوته منفرداً، بعيداً عن أي شبهة أو تفسير خاطئ». كذلك جاءت خطوة الشهال في ظلّ انقطاع تام للتواصل بين غزال ومسؤولي التيار الأزرق، بمن فيهم الأمين العام للتيار أحمد الحريري، الذي زار طرابلس نهاية الأسبوع الماضي من غير أن يلتقيه، على عكس ما أشيع.
لكن منسق تيار المستقبل في طرابلس مصطفى علوش، أوضح لـ«الأخبار» أن ما أقدم عليه الشهال وحلواني هو «خطوة شخصية منهما، ولكلّ ظروفه»، شارحاً موقف التيار مما يجري داخل البلدية من أن «الإقدام على خطوة الاستقالة يجب أن يكون مدروساً وليس اعتباطياً لمعرفة إلى أين نحن ذاهبون، وإن كان الأمر يقتصر على تغيير رئيس البلدية فقط، أو أنه أوسع من ذلك».
علوش الذي أكد أن «الممارسة داخل البلدية هي السبب في وصول الأمور فيها إلى ما هي عليه اليوم»، أشار في المقابل إلى أن المشكلة تكمن في أن «الملوحين بالاستقالة لا يُقدّمون طرحاً بديلاً، وهناك نقاش يدور بشأن البلدية مع بعض القوى السياسية في طرابلس، لكن الأمر لا يزال قيد النقاش والبحث، لأن هذه القوى لم تحسم أمرها بعد، باستثناء الوزير محمد الصفدي الذي أعلن أخيراً تأييده فرط البلدية وإجراء انتخابات فرعية».
أما غزال الذي لا يزال متمسكاً بممارسة مهماته لكونه جاء رئيساً بتوافق السياسيين، فأكدت أوساطه أنه «يستبعد فكرة تقديم الأعضاء التسعة استقالاتهم»، مبدياً ارتياحه «لطريقة تعاطي بعض السياسيين مع ملف البلدية». وأشار إلى أن مقرّبين من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي «أبلغوه رفضهم خطوة استقالة أعضاء البلدية، أو إجراء انتخابات فرعية». لكن الأعضاء المعارضين لغزال، وبعضهم محسوب على ميقاتي، أوضحوا أن الأخير «لم يبد اعتراضاً أو تأييداً لموقفنا، وهو ما اعتبرناه دعماً ضمنياً لنا».
وفي ما يخصّ موقف الصفدي، الذي صرّح بأنه متحفظ على أداء غزال ونادم على الإتيان به رئيساً للبلدية، نقلت أوساط غزال استغرابه لهذا الكلام، ورأت أن الصفدي «أخطأ فيه، لأن الرئيس لم يعط فرصة للعمل، ولم يلتق بالصفدي منذ سنتين سوى مرة واحدة لنحو ساعة، برغم كل المراجعات وطلبات المواعيد معه».
لكن الأعضاء التسعة الذين أكدوا أنهم مستمرون في تحرّكهم، أكدوا لـ«الأخبار» أن «ضغوطاً سياسية تمارس علينا للرجوع عن استقالتنا، لكننا مستمرون في تحركنا». وتوقع بعضهم أن «يرتفع عدد موقّعي الاستقالة إلى 15 عضواً»، فضلاً عن تنويههم بموقف النائب روبير فاضل أمس في مجلس النواب، الذي وصف أداء غزال بـ«السيئ»، ودعوته رئيس الحكومة إلى «إخراج البلدية من أزمتها».