أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان بيتر جرمانوس قراراً ظنيّاً طلب بموجبه الإعدام للشقيقين جورج وميشال ت. المتهمين بارتكاب إحدى عشرة جريمة قتل. القاضي جرمانوس تطرّق في حيثية قراره إلى الجدلية المثارة حول أثر عقوبة الإعدام في الحد من الجريمة، ليخلص إلى أن هذه القضية هي الحالة النموذجية لإنزال عقوبة الإعدام فيها. فالقاتل رغم ارتكابه هذا الكم من الجرائم يجيب عن سؤال إن كان ينام مرتاح الضمير بالقول: «أنام كما ينام الملاك»! فضلاً عما أدلى به أثناء تنفيذ جرائمه، ذاكراً بأنه تعمّد إيقاظ السائق تحت الجسر قبل أن يطلق النار على رأسه لمتعة ما.
قرار القاضي، ورغم انتقاده استنسابية الحاكم في تنفيذ عقوبة الإعدام، أشار إلى أن الدراسات لم تُثبت أن حكم الإعدام يخفض من الجريمة، إلا أنه أكّد أنها تحفظ المجتمع من التفكك وتشيع جوّاً من الثقة في حكم القضاء وتشعر أهل المغدور بالإحساس بالعدالة.
إذاً، بعد مرور أربعة أشهر على توقيف مرتكبي جرائم القتل المتسلسل في نطاق منطقة المتن، أصدر قاضي التحقيق في جبل لبنان قراره الظني بحق الشقيقين طالباً لهما عقوبة الإعدام.
بداية سرد قاضي التحقيق في متن قراره حيثيات الجرائم الاحدى عشرة، فأكّد مضمون التحقيقات الأولية لجهة أن جميع الجرائم مرتبطة ببعضها من جميع النواحي: نوعية وعيار السلاح المستخدم فيها، الطريقة المتبعة وتطابق الرسمين التشبيهيين مع الأوصاف التي أدلى بها الناجي الياس عاصي، إضافة إلى المظاريف والمقاذيف التي ضبطت في مسارح الجريمة. وقد ذكّر القاضي في قراره بالخطوات التي صاحبت توقيف المشتبه فيهما آنذاك، فتحدث عن المتابعة التي أجرتها القوى الأمنية والتي أوصلت إلى التحقيق مع حبيب هـ. وابنه هادي اللذين كانا الخيط الذي أوصل المحققين إلى تحديد هوية مرتكبي جرائم القتل المتسلسلة.
ينطلق القرار الظني من إلقاء القبض على المدعى عليهما اللذين اعترفا بارتكابهما جرائم القتل الاحدى عشرة، إضافة إلى قتل رجا ك. بعد شرائهما مسدساً حربياً مستعملاً من شخص يقيم في النبعة لقاء 600 دولار أميركي. ولفت متن القرار إلى أن الشقيقين أفادا بأنهما ارتكبا كل الجرائم بدافع السرقة، باستثناء جريمة قتل رجا التي نفّذاها ظنّاً منهما أن الأخير قد باع المجوهرات المسلوبة من المغدورة ملكة توفيق واستولى على جزء من الثمن من دون علمهما. وأشار القاضي في قراره إلى أن الموقوفين نفيا أن تكون دوافعهما إرهابية أو سياسية أو أن يكونا مكلفين من قبل طرف ثالث بإحداث اضطرابات أمنية في البلاد.
في البداية، اعترف جورج بأنه اقترف الجرائم جميعها بمفرده من دون مساعدة أو علم شقيقه ميشال. ورغم أن الأخير كان قد اعترف باشتراكه في تنفيذ الجرائم إلا أنه عاد وتراجع متذرّعاً بأنه أدلى باعترافاته نتيجة الضرب المبرح. وفي ما يتعلق بجريمة قتل رجا ك.، أفاد الشقيقان بأنهما استقلا سيارة المغدور، فجلس ميشال إلى جانب السائق فيما جلس جورج على المقعد الخلفي. ولدى وصولهما إلى محلة البوشرية، طلبا من السائق ركن السيارة جانباً، فامتثل لطلبهما من دون أن يشتبه بنواياهما القاتلة ودوافعهما. وما أن ركن الضحية سيارته، حتى شهر جورج مسدسه الحربي عيار 7 ملم وأطلق منه عياراً نارياً واحداً على رأس السائق فأرداه قتيلاً «ببرودة أعصاب كاملة وشدة بأس قلّ نظيرها لدى البشر، مما يدل على أنه يمتهن القتل بدرجة عالية من الاحتراف» بحسب ما جاء في القرار. كما أفادا بأن جورج ترجل من السيارة وأنزل المغدور منها ليفتشه بغية سلبه أمواله فلم يعثر معه على أي مبلغ من المال. وأشار القرار إلى أن الشقيقين غادرا بسيارة المغدور بعدما تركا جثته ملقاة على الطريق، فقصدا منطقة الشالوحي حيث ركنا السيارة وغادرا إلى منزلهما.