أعلن رئيس الاتحاد التعاوني الإقليمي في الجنوب المهندس الزراعي علي دبوق أن كميات كبيرة من زيت الزيتون في منطقة صور قد «رسبت» في امتحان اختبار الجودة الذي تجريه وزارة الزراعة، بالتعاون مع التعاونيات. الخبر أعلاه ليس نهائياً، فتتمته تقول إنه نتيجة للرسوب «رفض الجيش اللبناني شراء كميات الزيت التي كان قد طلبها من الأهالي». هكذا، انتهت قصة «تنكات» الزيت في صور. وهي القصة التي كانت قد بدأت مطلع العام الجاري، عندما فتحت التعاونيات الزراعية في المناطق أبوابها لاستقبال طلبات مزارعي الزيتون الراغبين في بيع محصولهم من الزيت للجيش تنفيذاً لأحكام قرار الحكومة القاضي بجمع الزيت وشرائه ضمن «البرنامج الوطني لتجميع زيت الزيتون اللبناني». وبالنسبة إلى محافظة الجنوب، نصّ القرار على شراء 8 آلاف تنكة زيت، منها أربعة آلاف وستمئة وثمانون تنكة من قضاء صور. وحددت الآلية الرسمية كمية الزيت المسموح بتسليمها إلى التعاونيات من المزارعين، فإذا كانت أقل من خمس تنكات تؤخذ جميعها، ومن ست إلى خمس عشرة يؤخذ منها بنسبة 80%. ومن 16 إلى 25 يؤخذ منها ما نسبته 75%. ومن 26 إلى 35 تنكة يؤخذ ما نسبته 60%، ومن 36 إلى 45 تنكة يؤخذ ما نسبته 50%. أما من 46 إلى 65 تنكة فيؤخذ ما نسبته 45%. ومن 66 إلى 85 تنكة فيؤخذ ما نسبته 40%. إما إذا كانت الكمية 86 إلى مئة تنكة وما فوق فيؤخذ ما نسبته 35%. حينها، اعتبر الكثير من المزارعين تلك الآلية التي أقرتها الوزارة أشبه بـ«معادلة حسابية معقدة»، مبدين خشيتهم من وقوعهم ضحية المحسوبيات والمحاصصات. لكن البعض منهم وقع ضحية نفسه، فالمعادلة التي يؤكد رؤساء التعاونيات أنها طبقت بحذافيرها أدت إلى رفض كميات كبيرة من الزيت بسبب ارتفاع نسبة الأسيد والبروكسيد فيها، ما يشكل معياراً لعدم جودتها وفسادها. ويوضح دبوق أن فحص عينات من الزيت في مختبرات الوزارة يصنفه بمستويات ثلاثة: الزيت الممتاز والزيت البكر والزيت العادي. فالممتاز يكون معدل الأسيد فيه أقل من درجة، ومعدل «البروكسيد» 20 درجة، وتبلغ قيمة التنكة الواحدة منه ذات وزن 15 كيلوغراماً 135 ألف ليرة لبنانية. أما الزيت المصنف بكراً فيتراوح معدل الأسيد فيه بين درجة ودرجتين، ويبلغ سعره 115 ألف ليرة. أما الزيت العادي الذي يتراوح معدل أسيده بين درجة وثلاث درجات، فقد حدد سعر التنكة منه بـ 90 ألف ليرة. لكن الفحوصات أظهرت أن القسم الأكبر من الزيت تزيد فيه نسبة الأسيد على ثلاث درجات، والبروكسيد على عشرين درجة. والسبب بحسب دبوق، هو «الأساليب الخاطئة في عملية تحويل الزيتون إلى زيت، أي بدءاً من العناية به في الحقل، وصولاً إلى توضيبه». والسبب أن هناك أنواعاً من المبيدات «يستخدمها بعض المزارعين بطريقة عشوائية تؤدي إلى ترسب المواد الكيماوية في التربة وانتقالها إلى حبة الزيتون وزيتها»، مشيراً إلى أن معرفة تأثير المبيدات يلزمها إجراء فحوصات خاصة. ومما يؤثر في نوعية الزيت ويقلل من جودته «لجوء البعض إلى تجميع محصول حقل الزيتون لنقله دفعة واحدة إلى المعصرة، ما أدى إلى ذبول الحبات». وهنا، ينصح دبوق بأن يقطف المزارع محصوله على مراحل، وألا تزيد المدة بين القطاف والعصر على أربع وعشرين ساعة كحد أقصى. وبالنسبة إلى نقل المحصول من الحقل إلى المعصرة، يجب أن يحمّل في صناديق بلاستيكية مفتوحة لضمان تهوئة حبات الزيتون، لا في أكياس مغلقة. أما في المعصرة، «فإن الحبات ستنتظر أيضاً دورها بسبب زحمة المزارعين، وقد يطول انتظارها أحياناً لأكثر من يومين». ولضمان عدم فساد الزيت، ينصح دبوق بحفظ الزيت في قنانٍ زجاجية ذات لون داكن أو في صفائح من التنك أو في جرار فخارية كما كان يفعل الأجداد. لكن الأفضل حفظه في جرار مصنوعة من معدن «الستانلس ستيل». ويتمسك بعض المزارعين بمفاهيم خاطئة، منها أن مذاق الحموضة في الزيت هو معيار جودته، علماً بأن هناك دودة تدعى «ذبابة الزيتون» تضع بيوضها في حبة الزيتون وتزيد من نسبة الأسيد. ويلفت دبوق إلى أن معيار الجودة ليس الدودة، بل مذاق «الحرورة» واللون المائل إلى الأخضر الذي تسبّبه مادة الفينول في الزيت. في منطقة صور، تقدّم عشرون ألف مزارع بطلبات إلى التعاونيات لبيع الزيت. ولأن العدد الأكبر منهم «سقط» في اختبار فحص جودة الزيت، أعلن دبوق أن التعاونيات قد تفتح الباب مجدداً أمام تقديم طلبات جديدة لتسلّم كميات أخرى من الزيت تتوافر فيها المواصفات المطلوبة.