«بنصّ النهر»، ارتفعت المباني في منطقة شتورا. فعند النقطة الفاصلة بين منطقتي شتورا وجديتا، وعلى عين عساكر مخفر شتورا، الذي لا يبعد عن «المخالفة» سوى مسافة «عرض الطريق»، تقع عين المارّ من هناك على نهر مسروقة أملاكه «لصالح» أبنية سكنية وأوتيل ومحال تجارية ومواقف ومغاسل سيارات ومكاتب للصيرفة ومستشفى أيضاً. سرقة علنية للنهر، على مرأى من البلديات المتورطة هي الأخرى بإعطاء تراخيص ترميم للأبنية المعتدية على الأملاك العامة النهرية.
وكأن الاعتداء بالبناء لا يكفي، كي يضاف اعتداء من نوع آخر يمارسه المخالفون برميهم مياه منازلهم وأوتيلاتهم المبتذلة ونفاياتهم العادية والطبية في مجاري النهر. قد لا تهم تلك المخالفات، وهذا واضح من تغاضي البلدية، لكن ألا تهم هؤلاء حياة المواطنين القاطنين في تلك المباني؟ السؤال يجيب عنه «المعلم حسن»، مسؤول ورشة ترميم في إحدى الشقق السكنية من مبنى أنشئ عند الجهة الشمالية في مجرى نهر شتورا. يخاف الرجل من سقوط المبنى تحته كلما تحرك وكلما أحضر العمال أكياس الإسمنت، ويقول «البيوت متل العوامات، بتتحرك وبتهتز كل ما مرت شاحنة، بقول هلق رح توقع». ويشير بيديه إلى الركائز الحديدية التي دُعمت بها أرضية المبنى، قائلاً «هذه الدعمات ما بتطوّل وبتهريها المي والصدي، وبعدها بتصير البناية واللي فيها بخبر كان». مشكلة التعدّيات هذه تؤكدها كلوديت حايك، عضو المجلس البلدي في شتورا. تعرف السيدة أن هذه التعديات «مزمنة وهي بدأت خلال الحرب الأهلية»، لكن «لا بد من الحل وتكاتف جهود الجميع من وزارات وبلديات للوصول الى قرارات تقضي بإزالتها، لا أن نشرعن خطرها الواضح على المواطنين». تبدأ بحلولها درجة درجة وتقول «أولاً يجب حل مشكلة الملوثات البيئية السامة ومياه الصرف الصحي والنفايات وغيرها، وذلك عبر إنشاء محطات لتكرير المياه المبتذلة، وصولاً إلى حل منصف للتعديات». ولا تنسى حايك الإشارة إلى الحلول «التسووية لأنه متل ما النهر معتدى عليه هو معتدي أيضاً». وعلى المقلب الآخر في بلدة جديتا، يدعو نائب رئيس بلدية جديتا محمود فرحات البلديات إلى ضرورة «إيجاد حل صريح من دون مسايرة أي طرف سياسي». أما مختار جديتا محمد هاشم، فيصب جام غضبه على عناصر قوى الأمن الداخلي «الذين يحررون محاضر ضبط بحقنا لأننا نروي مزروعاتنا من نهر شتورا على اعتبار أنه نهر تصب فيه مياه الصرف الصحي، ولا يحررون ضبط بحق من خالف». حال المزارعين لا تختلف عن حال المختار، فهؤلاء يدعون الدولة إلى تصويب بوصلتها «فحل المشكلة لا يكون بتحرير محاضر ضبط بحق المزارعين، بل يكون بحق البلديات التي تتغاضى عن المخالفات وتسمح بمد المجارير إلى النهر»، يقول المزارع مروان شديد. ويعلق ضاحكاً «الدرك شافونا عم نسقي بس ما شافو جبال النفايات اللي حوَلين النهر بشتورا، وما شافوا قسطل قياس 8 انش مدته بلدية شتورا على النهر». ويرد على رئيس بلدية شتورا قائلاً «الشغلة مش شغلة امكانيات، انما بدها نيات».