لم يعد شراء فاكهة الكيوي وتناولها يقتصر على الأغنياء وميسوري الحال، بعد انتشار زراعتها محلياً في بعض مناطق الجبل والجنوب، وتعدد مصادر استيرادها من الخارج، وطرحها في الأسواق بأسعار تنافسيّة. كل تلك «المغريات» جعلت حبات الكيوي «متاحة» لمتوسطي الحال وغيرهم أيضاً، الذين أدخلوها ضمن قائمة الأصناف التي تقدّم للضيافة. وكل هذا، أيضاً، جعل الكيوي «مطلوبة» من قبل أصحاب المحال الذين يتهافتون على شرائها، يقول نائب رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين طوني طعمة. وقد تكفي جولة واحدة على الأسواق لاكتشاف هذا الأمر، فهذه الفاكهة التي كانت تباع قبل سنوات بـ«الحبّة» بأسعار باهظة، تطرح حالياً في «الدكاكين» ليباع الكيلوغرام الواحد منها بسعر يراوح بين 3 و 6 آلاف ليرة لبنانية، تبعاً «لجودة البضاعة». وربما، مع الوقت، قد ينخفض سعرها أكثر مع انتشار زراعتها في أماكن جديدة. وفي هذا الإطار، يلفت طعمة إلى «أن كميات الكيوي المنتجة في لبنان لا تغطي سوى نسبة تراوح بين 5 و7% من حاجات السوق الاستهلاكيّة المحليّة، لكون هذه الزراعة تنحصر في بعض مناطق الجنوب وجبل لبنان والبقاع الشمالي، إضافة الى بساتين صغيرة مغروسة بأعداد قليلة من هذه الأشجار في عدد من المناطق». بقي 93% يأتي بها لبنان من الخارج. وبحسب طعمة «تحتل نيوزيلندا المرتبة الأولى في تصدير الكيوي الى الأسواق اللبنانية، وقد بلغت النسبة عام 2011 نحو 42% من مجمل الكميات المستوردة، تليها إيطاليا 33% واليونان 21%». أما بقية النسب، فتتوزع على «عدد من البلدان مثل أستراليا والصين وغيرها من الدول المنتجة لهذه الفاكهة». ويوضح طعمة أن الكميات المستوردة تزداد وتتناقص وفقاً لمتطلبات السوق. ويشير، مستنداً إلى الإحصاءات الرسميّة، إلى أنه «في عام 2007 استورد لبنان حوالى 607 أطنان، فيما تراجعت العام التالي الى 66 طناً، من ثم عادت وارتفعت تدريجياً لتصل العام الفائت إلى 636 طناً، هذا عدا كميات لا يمكن إحصاؤها تأتي بمعظمها من إيران وتهرّب الى لبنان عبر الحدود البريّة مع سوريا». ثمة حل واحد للاستغناء عن الاستيراد، وهو «إذا حظيت هذه الزراعة بالاهتمام اللازم من قبل الدولة».
من جهته، يشجّع المزارع علي عودة على زراعة الكيوي. الرجل الذي زرع قبل 10 سنوات دونماته الخمسين في سهل بلدة طليا (جنوب بعلبك) بنصوب الكيوي، بدأ يجني ثمار ما فعل. ورغم فرحه بزراعته، إلا أنه يستاء من أسعار بيعها بالجملة في السوق المحليّة، الذي يتدنى من عام إلى آخر «بحيث تباع الشرحة الواحدة حالياً سعة 2 كلغ بخمسة آلاف ليرة لبنانية». من استيائه، ينتقل عودة إلى الحديث عن تكلفة إنتاج الدونم الواحد سنوياً، فيقدرها بحوالى800 ألف ليرة لبنانيّة «تشمل أجور جرارات زراعيّة لحراثة التربة وعمال للتشحيل وثمن أسمدة عضوية (وهي التي تحتوي على نسبة عالية من المواد الغنية بالبوتاسيوم والحديد، التي تمنع تعرّض الأوراق للاصفرار) وريّ، إذ نرويها بواسطة نظام التنقيط، بمعدل 6 ساعات للعدّان كل يومين».
أما عن الأراضي الصالحة لزراعة الكيوي، فيشير الرجل إلى أنها «لا تزرع أينما كان». وهنا، يشرح طعمة قائلاً «تزرع في التربة الحمراء الغنية بالمواد العضويّة الصرف، وهي تنمو في ظروف بيئيّة مناسبة وسط مناخ دافىء ورطوبة مثاليّة صيفاً، ودرجة حرارة منخفضة وبرودة شتاءً».
بعيداً عن الزراعة بحد ذاتها، تحتوي كل حبّة كيوي على 150 ملغ فيتامين «سي» وأملاح معدنيّة، بينها البوتاسيوم والكالسيوم والمغنيزيوم والفوسفور. أما بذورها، فتسهل الهضم ولا تسبب شحوماً مضرّة بالجسم، ويمكن استخراج الزيوت الجافة منها بديلاً لحبوب السمسم. وينصح خبراء التغذيّة بتناول ثمارها المفيدة للنظم الغذائيّة «الريجيم»، لأنها تساعد على الشعور بالشبع، إضافةً إلى أن عصيرها يساعد على التخلّص من الحموضة في المعدة، كما يمكن استخدام جذور نبات الكيوي لمعالجة مرض الجرب والحكّة والحساسيّة في الجلد... واستخدامها هي في صناعة بعض أنواع الحلويات،
تجدر الإشارة إلى أن الصين هي الموطن الأصلي للكيوي، بحسب الدراسات التاريخية، إذ تعرف هناك باسم «يانك تاو»، وكان لبنان قد عرف هذه الزراعة في العقود الأخيرة من القرن الماضي.