أقفل عام 2011 أبوابه في بلدية طرابلس وهو مفتوح على أزمة داخلية عميقة فيها، أضيفت إلى سلسلة الأزمات التي تراكمت داخل المجلس البلدي منذ انتخابه في صيف عام 2010 بالتوافق بين مختلف القوى السياسية في المدينة، والإتيان بنادر غزال رئيساً له.فبعد قيام هدنة غير معلنة بين غزال و14 عضواً معارضين له من أصل 24 يتألف منهم المجلس البلدي، إثر أشهر من الخلافات التي أدت إلى شلّ البلدية نهائياً، تعذّر معها انعقاد أي جلسة بسبب مطالبة الأعضاء المعارضين غزال بالتنحي من منصبه، تفجرت الأزمة مجدداً بين الطرفين مع الأيام الأخيرة من العام الماضي، ما ترك انطباعاً أن عام 2012 لن يكون أقلّ تشنّجاً في العلاقة بين الفريقين عما كانت عليه الحال في العام الذي مضى.
هذه الأزمة تتمثّل في عدم إمكانية تجديد عقود قرابة 15 موظفاً ومستشاراً تعاقدت معهم البلدية لتسيير أعمالها، بسبب الخلاف بين الرئيس والأعضاء حول موظفين يريد غزال تجديد التعاقد معهم، وآخرين جدد، الأمر الذي عدّه الأعضاء المعارضون محاولة من غزال لوضع يده على البلدية عبر مقرّبين منه، وهو ما لا يمكنهم القبول به. في الأيام العشرة الأخيرة من العام الماضي، عقد المجلس البلدي اجتماعين لم يخرج بعدهما بنتيجة، إذ تعذر التوصل إلى توافق الحد الأدنى لإمرار الأسماء المطروحة، فضلاً عن الموافقة على ترقيات موظفين وعناصر شرطة، ما جعل موظفي البلدية، المتعاقدين والمستشارين تحديداً، مهدّدين بعدم قبض رواتبهم نهاية الشهر الجاري، إذا لم يتوصل المجلس البلدي إلى تسوية سريعة في شأنهم.
غزال رفض التعليق على الموضوع، واكتفى بالقول إن «كل الأمور والقضايا تحلّ في نهاية الأمر بشكل إيجابي». غير أن أوساطاً في البلدية، مقرّبة من غزال، رجّحت أن لا يكون الخلاف «بسبب تجديد العقود، بل لقيام نوع من المقايضة وإمرار أسماء مقابل ما يريد غزال إمراره». وأشارت هذه الأوساط إلى أن «المتعاقدين والمستشارين الذي يعملون لتجديد عقودهم مع البلدية، موزّعون سياسياً وطائفياً على مختلف القوى السياسية والطائفية والمذهبية في مدينة طرابلس، وأنه يفترض أن يجري تجديد عقودهم تلقائياً، إلا إذا كانت تجري مساومة عليهم، أو تجديد عقودهم مع آخرين ضمن سلة واحدة». غير أن مصادر مجموعة الـ14 نفت وجود أي نوع من المقايضة مع غزال حول هذا الموضوع، كما اتهامها بأنها ترفض تجديد عقود البعض لأسباب طائفية، لافتة إلى أن «كلّ ما طلبناه محاسبة كلّ متعاقد خالف القوانين، وأن يبرز رئيس البلدية جدول السلف المالية التي يعطيها لهم مقابل تنفيذهم مهمات معينة، وهو مطلب يرفض غزال الاستجابة له، ما عزّز شكوكنا بوجود مخالفات».
وأوضحت مصادر مجموعة الأعضاء الـ14 لـ«الأخبار» أن «موضوع تجديد عقود المتعاقدين والمستشارين لم نصل إليه أصلاً في الجلستين الأخيرتين حتى ندلي برأينا حوله سلباً كان أو إيجاباً، لأن الرئيس تعمّد في المرتين تطيير الجلسة ورفعها، بعدما وجد أن الاكثرية داخل المجلس البلدي معارضة له، وأنه لا يستطيع إمرار قرارات بعضها غير مطابق للقوانين».
مصادر المعارضين في بلدية طرابلس، والذين يتوزعون على قوى سياسية وطائفية متنوعة، لفتوا إلى أن غزال «عمد إلى تطيير الجلستين معاً بعدما وجد نفسه محشوراً أمامنا، وهو أمر يضيق صدره به، لذا فإن عدم تجديد هذه العقود يقع عليه وليس علينا».
لكن تطيير الجلستين الأخيرتين لم يمر بلا إشكالات. ففي آخر جلسة، تكرّر المشهد مجدداً من نقاش عقيم، ما دفع أحد الأعضاء المعارضين للتوجه إلى غزال قائلاً: «أنت متفنن في خلق المشاكل»، الأمر الذي تطور إلى تلاسن كاد يخرج عن طوره، لولا تدخل البعض لتهدئة الأمور.
على هذا النحو بات مصير الجلسة المقبلة مجهولاً، خصوصاً بعدما لفت المعارضون إلى أن غزال «سيواجه فيها استحقاقات هامة وستكون بنودها حامية، أبرزها تجديد عقود المتعاقدين والمستشارين، ومصير السلف المالية المقبلة وغيرها».