رامي زريقيرى بعض الاقتصاديين أنه لا بد من الانتقال من الفلاحة إلى الزراعة الصناعية التي يتحول الفلاح فيها إلى عامل زراعي. أما البعض الآخر، فيعتبرون أن ارتباط الزراعة بالطبيعة وبالمواسم لن يتيح الفرصة لاكتمال الدورة الإنتاجية كما يريدها الصناعيون الرأسماليون، وأن النظام الزراعي الصغير الحجم، سيبقى أساس الإنتاج الغذائي، مشيرين إلى أن صغار المزارعين لا يزالون يمثلون 85% من عدد المنتجين في العالم، وأن بإمكانهم الانتقال من التقنيات البدائية إلى الحداثة إذا أتيحت لهم الفرصة، ما سيرفع من كفاءة الإنتاج من دون تدمير المنظومات الإنتاجية والاجتماعية. في لبنان، لا تزال نسبة صغار المزارعين تتعدى 80%. فهم مصدر معظم الإنتاج المحلي، إلا أن الفرصة لن تتاح لهم للاستفادة من التقنيات الحديثة، مما يصعّب عليهم التفوق في الأسواق المحلية والأجنبية. تعود الأسباب إلى إهمال الريف اللبناني خلال الأعوام الستين الماضية، أكثر مما تعود إلى إهمال القطاع الزراعي. فمن يجهل القراءة والكتابة، يعجز عن قراءة التعليمات المطبوعة على علبة المبيد أو فهم نتائج فحص التربة أو حتى طلبه. نتيجة لذلك الواقع، يندفع هؤلاء إلى أحضان ممثلي الشركات التي قد تبيعهم أدوية فاسدة أو غير ملائمة، ثم يفتقرون إلى القدرة المالية التي تتيح لهم الهروب من ديون تربطهم حصرياً بتلك الشركات.
لذلك، تندرج مبادرة الوزير الحاج حسن الأخيرة للحد من تلوث المنتجات برواسب المبيدات تحت راية «النوايا الحسنة» التي لا تأتي دائماً بالنتائج المرجوة، فهي مبنية على تقوية الإطار التشريعي وتحديث لائحة المبيدات المسموح بها وضبط التهريب. هذه المبادرات ليست بجديدة، وبدلاً من أن تغيّر واقع الفلاحين، قد تزيد الأعباء عليهم إذا لم يصاحبها برنامج إنماء ريفي.