انعكست حالة انفراج الأزمة السياسية وتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، انخفاضاً بأسعار بيع الأسلحة المتوسطة والفردية على مختلف أنواعها، بنسب تتراوح بين 30 و50%، والتجار الكبار يخزنون الأسلحة تحسباً لـ«أزمة مقبلة»
البقاع ــ نقولا أبو رجيلي
بعد محاولات تكررت على مدى أسبوع، وافق مروان (اسم مستعار)، وهو أحد تجّار الأسلحة في البقاع، على التحدّث إلى «الأخبار» عن بعض أسرار هذا «الكار» وخفاياه. وصل مروان إلى مكان اللقاء متأخراً عن موعده ساعتين.
فور ترجله من سيارته وسط منطقة سهليّة تبعد مئات الأمتار عن المناطق السكنية، بادر الى الاعتذار مبرراً تأخّره عن الموعد المقرر بالقول «طبيعة شغلنا توجب أخذ أقصى تدابير الحيطة والحذر أليس كذلك؟»، وأضاف «الدوريات العسكرية والأمنية المكثفة لا تبارح المنطقة ليلاً نهاراً»، ثم سأل ممازحاً «مش عارف شو بدها الصحافة منا، ما بيكفينا حالة الجمود في سوق بيع الأسلحة هذه الأيام»، من هذه النقطة انطلق مروان ليشرح العوامل التي أدت إلى تراجع أسعار الأسلحة في الآونة الأخيرة، بعدما عرفت هذه «التجارة» فترة «ازدهار» امتدت نحو 4 سنوات منذ عام 2005، كانت قد شهدت خلالها الساحة اللبنانية موجة من الاحتقان المذهبي والسياسي، بلغت ذروتها في الفترة التي تلت أحداث 7 أيار 2008، بحيث تضاعفت أسعار الأسلحة المتوسطة والفردية وذخائرها ومتمماتها على مختلف أنواعها تضاعفاً جنونياً وغير مسبوق.
مروان أكد «نحن (تجار الأسلحة) من جميع الطوائف وما عنا طائفية، المهم عندنا الربح وبيع السلاح لأي جهة كانت»، وعن الأسعار وحركة السوق حالياً، تحدث مروان عن حالة جمود فرضتها الظروف التي ترافقت مع الإعلان عن تأليف الحكومة مطلع هذا الشهر، وما تلاها من انفراج للأزمة السياسية.
وفقاً لمروان، فإن الإقبال على شراء السلاح المتوسط وذخائره تراجع كثيراً، فبعدما كان سعر قاذف الــ«آر بي جي» 1000 $ هبط إلى حدود 400 $، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مقذوفه الذي تراجع سعره من 130 إلى 80 دولاراً للحشوة الواحدة، والــ«ب كي سي»، وصل سعره إلى 1800 $، بعدما كان 2500 $، فيما انعدم الطلب على شراء الألغام المخصصة للآليات والأفراد، وكان قد كثر الطلب عليها من الجهات الحزبية، بأسعار فاقت 150 $ للعبوة الواحدة، فيما تراجع السعر حالياً إلى 50 $.
أما بالنسبة للأسلحة الخفيفة من بنادق ومسدسات، فإن الطلب عليها تراجع بنسبة 40%، وهي على الشكل الآتي:
بندقية كلاشنيكوف من 1300 إلى 800 دولار، الـ«م 16» من 1800 إلى 1200 دولار، فال من 800 إلى 500، كما تراجع الطلب على قناصة هذه البندقية ومناظيرها، من 4000 إلى 1600 دولار، بندقية ج 3 من 700 إلى 400 دولار، فيما لا يزال الطلب مستمراً على مختلف أنواع المسدسات، مع تراجع بسيط في أسعارها يتراوح بين 100 و200 دولار، وذلك سببه، بحسب مروان، تبادل تهريب المسدسات بين أشخاص عبر الحدود البرية بين لبنان وسوريا.
حرص مروان على عدم الكشف عن الجهات الحزبية التي كانت تهتم بشراء الأسلحة، حفاظاً على «سرّ المصلحة»، وكشف أن بعض المتمولين من كبار تجار السلاح، يشترون حالياً جميع أنواع الأسلحة ومتمماتها ويخزنونها بقصد احتكارها، تمهيداً لبيعها بأسعار مرتفعة عند حصول أول هزة أمنية، قد تعصف بلبنان «مصائب قوم عند قوم فوائد، تعوّدنا على الهزات بهالبلد منذ بداية الحرب الأهلية عام 1975»، بهذه العبارة ختم مروان اللقاء.


بطيخ يكسّر بعضه

روى مروان لـ«الأخبار» بعض الأحاديث التي كانت تدور بين تجار السلاح الذين ينتمون إلى طوائف وتيارات سياسية مختلفة. في منزل أحد تجار السلاح في منطقة البقاع الشمالي، يوم حضر عدد من الأشخاص لشراء كمية من مختلف أنواع الأسلحة لمصلحة أحد التيارات السياسية، وبعد الاتفاق على الأسعار وتأمين الكميات المطلوبة، وبالتالي تحديد مكان التسلّم والتسليم، توجه البائع بالسؤال لأحدهم عن احتمال حصول فتنة واقتتال مذهبي بين السنّة والشيعة، وما قد يخلّفه من ويلات تطال أبناء الدين الواحد، فجاء الجواب على لسان طالب السلاح «بطيخ يكسّر بعضه، نحن شو بيهمّنا، المهم نبيع سلاح ونربح»، عندها وافقه السائل بالقول، «ونحن كمان هل يمكن أن نعمل إلا في ظروف مشابهة؟».