محمد نزالقرار العزل هو من أقسى العقوبات التي يمكن أن تُتخذ بحق قاض، على حد تعبير الوزير نجّار، وخاصة أنه بموجبه «يحرم القاضي المعزول من تعويض الصرف ومعاش التقاعد». إذاً، هكذا أراد الوزير أن يبدأ ولايته الجديدة في وزارة العدل بـ«رسالة واضحة، ومن لديه أذنان سامعتان فليسمع. إنها بادرة إصلاح في المؤسسات ولا سيما القضائية منها، فاللبنانيون قد انتظروا مثل هذه التدابير منذ زمن طويل».
تنقية القضاء، عبارة رددها نجّار كثيراً في مؤتمره الصحافي، وفُهم منها أن الفساد «متغلغل» داخل الجسم القضائي، وخاصة مع إشارة الوزير إلى «وجود 18 قضية قيد النظر أمام الهيئة العليا للتأديب سيبتّها قريباً».
اتخذ نجّار من إعلان «الحدث» محطة لإعلان ولادة مرحلة قضائية جديدة. تحدّث بنبرة عالية وهو يعلن انطلاق «مسيرة تنقية المرفق القضائي، التي لا يمكن أحداً أن يوقفها، فقرار اليوم هو أول غيث ورشة الإصلاح».
في المبدأ، يُعدّ القضاء في الأنظمة التي تعتمد فصل السلطات في نظامها، جسماً مستقلاً بموازاة السلطتين التشريعية والتنفيذية، لكن في لبنان ينظر البعض إلى القضاء، كبقية المؤسسات، على أنه جسم يسري عليه العمل بـ«المحاصصة»، الطائفية منها والسياسية. ولذلك، هل للقاضي المعزول مرجعية ما سوف تغطيه؟ سؤال وجّهته «الأخبار» إلى الوزير نجار، فأجاب بحدّة «كلا، لن تكون هناك تغطية لأي أحد من أي أحد، ومن يرد التغطية فليتحمّل هو المسؤولية، فضلاً عن أننا لن نسمح بذلك أبداً. المسيرة ستستكمل بغض النظر عن أي اعتبارات سياسية أو شخصية أو مصالح خاصة».
وقد رحّب عدد من كبار القضاة بالقرار «الجريء»، لكنهم رفضوا التعليق عليه لأنه «لا يجوز التعليق على قرارات الهيئة العليا للتأديب». من جهته، رحب الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة، القاضي يوسف سعد الله الخوري، بالقرار الذي وصفه بـ«الخطوة الممتازة»، لافتاً إلى أن قرار العزل هو «أقسى عقوبة يمكن أن تتخذ بحق قاضٍ في العالم على المستوى القضائي، فضلاً عن أن القرار لا يمكن استئنافه أمام مجلس شورى الدولة لأنه صادر عن الهيئة العليا لتأديب القضاة، وهي تابعة للقضاء العدلي».
«الإصلاح» لن ينتهي هنا، فالمسيرة طويلة، بحسب ما أكّد نجار. المواضيع كثيرة، ومنها ما يتعلق بـ«تسريع الأحكام والمحاكمات والتوقيفات الاحتياطية، «المهم أن يدرك الجميع أن مسيرة تنقية المرفق القضائي مستمرة» ختم الوزير نجّار.