strong>نشرت «الأخبار» في عدد 9 تشرين الثاني الفائت قراءة للتعديلات التي أدخلها قضاة المحكمة الدولية الخاصّة بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري على قواعد الإجراءات والأدلّة. ردّت أخيراً المحكمة باحتراف لافت على ما ذكره كاتب النصّ
قرأنا مقالتكم باهتمام كبير هنا، وكانت كالعادة مستنداً عكس تمعّناً في التفكير وأثار العديد من المواضيع المهمة. وقد دوّنا أيضاً الأفكار التي تقدمتم بها، ونود أن نزودكم ببعض المعلومات الإضافية التي تتعلق بقواعد الإجراءات والأدلة المعدّلة بغية إيضاحها. أولاً بالنسبة إلى القاعدة 39 وإلى دور رئيس القلم. ففيما يؤدي رئيس القلم دوراً ثانوياً إلى حد ما ويغلب على وظيفته الطابع الإداري في معظم الأنظمة المحلية، يختلف هذا الدور تماماً في المحاكم الدولية والمحاكم المختلطة الأخرى. وإنّ تعديل القاعدة 39 يجعل مسؤولية رئيس القلم في المحكمة الخاصة بلبنان منسجمة مع تلك التي يتولاها في المحاكم الدولية الأخرى. ويشمل ذلك مثلاً دوراً أساسياً في التفاوض بشأن نقل الشهود، وتطبيق الاتفاقيات المتعلقة بتنفيذ العقوبات، ومسؤوليات ترتبط بحماية الشهود وبنقلهم، ويشمل أيضاً، كما أُشير في القاعدة 50 من قواعد الإجراءات والأدلة والمادة 12 من النظام الأساسي، مسؤولية مباشرة عن إنشاء وحدة مسؤولة عن حماية الشهود. ويعمل رئيس القلم طبعاً كإداري أيضاً ويقدم خدمات للهيئات الأخرى، إلاّ أنه يعمل «تحت سلطة الرئيس» (المادة 12 من نظام المحكمة والقاعدة 48 من قواعد الإجراءات والأدلة). وبالتالي إن إقامة أي علاقات مع هيئات دولية تتم بالتنسيق مع الرئيس الذي يمثل كل المحكمة (المادة 10 من النظام).
في مسألة أصدقاء المحكمة، قد ينشأ بعض الغموض حول كيفية استخدام ذلك. ففيما التحديد الذي ذكرتموه لـ«أصدقاء المحكمة» صحيح، إلا أنه لا يعكس بالضرورة كيفية تطبيق ذلك عملياً في الإجراءات الجنائية الدولية. فكما أظهرت الممارسة في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا، والمحكمة الدولية الجنائية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الخاصة بسيراليون وغيرها من المحاكم الدولية والمختلطة، غالباً ما يكون «صديق المحكمة» محامياً ذا خبرة تعيّنه المحكمة للقيام بمهمات محددة باستقلالية تامة. وتتعدد الأمثلة على ذلك، فالمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة مثلاً عينت صديقاً للمحكمة من أجل تحقيق و/أو تطبيق الإجراءات المتعلقة بجرم التحقير. في الواقع، تمتلك المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة توجيهاً إجرائياً كاملاً في ما يخص تعيين صديق للمحكمة بغية التحقيق في التحقير ومباشرة القضية. وقد تنشئ المحكمة الخاصة بلبنان، في الوقت المناسب، توجيهاً مشابهاً إذا دعت الحاجة إليه.
على نحو أكثر عمومية، تقوم فكرة تعيين صديق للمحكمة على أساس الاعتراف بأنه، في بعض الظروف، قد يكون من غير الملائم للمدعي العام أو لقاضي الإجراءات التمهيدية أو لغرفة الدرجة الأولى أن يباشر بنفسه أو تباشر بنفسها قضية تتعلق بجرم التحقير، وقد يحدث ذلك مثلاً في حالات تضارب المصالح. ففي هذه الحالات، تعيّن هيئة حيادية (رئيس القلم) محامياً ذا خبرة لا صلة له بالمحكمة (الصديق) لكي يُضمن أن الإجراءات لن تؤخَّر أو توقَف أو تؤدي إلى إجحاف. ونظراً إلى الدور الحيادي لهذا المركز، وبما أن نتائج الإجراءات لا تعنيه، فرئيس القلم هو صاحب الموقع الأفضل للقيام بمثل هذا التعيين، كما هي الحال في محاكم أخرى. ويعود عندئذ إلى ذلك المحامي المستقل أن يقدّر إذا كانت هناك دعوى ظاهرة الوجاهة وأن يكتب تقريراً إلى الغرفة يوضح فيه إذا كانت القضية تستحق المباشرة. كما قد يطلب القاضي أو الغرفة من هذا المحامي أن يعمل فعلياً عمل المدعي العام في تلك القضية إذا اقتضت المسألة ذلك بغية تجنب الادعاءات بالانحياز أو بانعدام التجرد.
ونود أن نشير أيضاً إلى أن مفهوم «أصدقاء المحكمة» لم يُضَف في مجموعة التعديلات الأخيرة. فقواعد الإجراءات والأدلة الأساسية التي اعتمدها القضاة في شهر آذار/مارس كانت قد ضمّت الأحكام المتعلقة بأصدقاء المحكمة (راجع القاعدة الأساسية 134 الفقرتين (ج) و(د)).
لقد أثرتم أيضاً مسائل أخرى تتعلق بالقاعدة 134. فبالنسبة إلى القاعدة 134 (أ) (1)، أشرتم إلى شرط «إقرار المستجوَب الصريح بأنه أُعلم بالنتائج الجرمية المحتملة للإدلاء بشهادة مزوّرة». وتفترضون أن ذلك قد يمثّل السبب الذي يحول دون إمكانية ملاحقة الشهود في ما يتعلق بالضباط الأربعة الذين أُطلق سراحهم بأمر من قاضي الإجراءات التمهيدية. في الواقع إن سبب عدم إمكانية تطبيق الإجراءات ضد أي شخص تقدم سابقاً بمعلومات كاذبة هو المبدأ المتعلق بعدم رجعية القوانين الجنائية. وبالنسبة إلى الإجراءات المستقبلية المحتملة، إن سبب وضع البند المتعلق بالإقرار الصريح يقوم على مسألتَي البرهان والإنصاف. فمن الإنصاف أن يأخذ الشخص علماً بأن الإدلاء بإفادة مزورة قد يؤدي إلى تطبيق إجراءات جنائية بحقه أو بحقها. وسيكون البرهان على أخذه العلم بذلك أسهل إذا قام الشخص بإقرار صريح. ونتيجة لذلك، اعتبر القضاة أنه من الملائم أن يصبح هذا النوع من الإقرار إجراءً معيارياً عندما يأخذ مكتب المدعي العام أو الدفاع إفادة من شاهد محتمل.
بالإضافة إلى ذلك، تسأل مقالتكم إذا كان يمكن الذي يشهّر بالمحكمة أن يفلت من الملاحقة القانونية إذا لم يوقّع على إفادة

سبب عدم ملاحقة من تقدم سابقاً بمعلومات كاذبة هو عدم رجعية القوانين
يقول فيها إنه يدرك «العواقب الجنائية المحتملة المترتبة على تحقير المحكمة». الجواب عن هذا السؤال هو كلا. فالقاعدة 134 (أ) (7)، المتعلقة بتشهير جدي وعلني وأعمال تهديد وترويع وغيرها من أعمال تندرج ضمن إطار سلوك مماثل، لا تتطلب مثل هذا الإقرار الصريح؛ إن القاعدة 134 (أ) وحدها، المرتبطة بإفادات مزوّرة تُقدم عن علم وقصد من أجل إعاقة تحقيق العدالة، تتطلب ذلك.
وأخيراً، ذكرتم بنداً آخر تضمنته القاعدة 134 ويتعلق بالتحقير الذي يقدم عليه «أي شخص يتخلف، من دون عذر مقبول، عن الاستجابة لأمر بالمثول أمام المحكمة أو بتقديم مستندات أمام قاضي الإجراءات التمهيدية أو الغرفة». تسألون مَن يقرر إذا كان العذر مقبولاً أو لا وعلى أي أساس يقوم هذا التقييم؟ بالطبع، سيعود للقضاة أن يقرروا ذلك على أساس الظروف المحددة في كل حالة منفردة. وسيحظى أي متهم في مثل هذه القضية بفرصة للدفاع عن أعماله أمام قاضي الغرفة (إما شخصياً أو عبر ممثله/ممثلته القانوني/القانونية).
عموماً نشعر أنه من المهم التشديد على أن هذه التعديلات ستساعد أهداف المحكمة الخاصة بلبنان المتمثلة بكشف الحقيقة، إذ إنها تعزز إنصاف الإجراءات القانونية ونزاهتها وتصونهما. إنها تمثّل جزءاً من مجموعة مراجعات تتضمن أيضاً زيادة الحماية المؤمنة للشهود وتعزيز دور الضحايا.
نشكر لكم استمراركم في تغطية عمل المحكمة الخاصة بلبنان ونرحب بأي أسئلة أو تعليقات إضافية.
(ترجمة جورجيت فرشخ فرنجية)


صديق المحكمة «فقيه مشهود له»ويوضّح ردّ المحكمة معنى ذلك المصطلح، لكن يبدو أن مراجع قانونية أخرى لا يتطابق تعريفها لـAMICUS CURIAE مع تعريف قضاة المحكمة الدولية.
فوزير العدل إبراهيم نجّار، البروفسور الجامعي في الحقوق، يعرّف معنى هذا المصطلح في القاموس القانوني الجديد (2006) على النحو الآتي: «على سبيل الاستشارة للهيئة، مدعو للاستشارة أو لتبادل الآراء (أصول مدنية) وهي الحالة التي تقرّر فيها محكمة عليا (النقض، التمييز) وبدون نصّ، استخراج رأي أحد الفقهاء حول موضوع قانوني مطروح عليها، ويكون الفقيه مشهوداً له بعلمه وباختصاصه ويستمع إليه «كصديق للمحكمة»، لا كشاهد أو خبير، وهذا بهدف التوصّل إلى قناعة سليمة وعادلة في الموضوع المذكور».