جوان فرشخ بجاليأما بالنسبة إلى الكتابات التي تزيّن صخوره، والتي أُنجزت بسبع لغات مختلفة، فهي معروضة بحسب التسلسل الزمني في مقالة عالمة الآثار والمسؤولة عن إصدار مجلة “بعل”، آن ـــــ ماري مايلا عفيش. هنا، تجدر الإشارة إلى أن هذا المرجع أُنجز بإشراف عفيش، وهي من طلب من مجموعة من العلماء الاختصاصيين باللغات القديمة تقديم مقالات تفصيلية عن الكتابات التي تتوزّع في الموقع. فكان هناك مقالات عن الرقم الفرعونية، وأخرى عن الرقم الآشورية واليونانية واللاتينية. ولأن أبعاد نهر الكلب لم تعد تتوقف على مراحل التاريخ القديم، كان لا بد من تقديم شرح عن استعماله في الفترات المعاصرة. باقورة المقالات هذه تمثّل دراسة علمية تفصيلية ضرورية لفهم أهمية نهر الكلب.
الجديد أيضاً في هذا المجلد المرجع تغيّر تسمية “مسلّات نهر الكلب” إلى “منحوتات نهر الكلب”. وتبرّر عفيش أهمية اعتماد هذه التسمية الجديدة. فتقول إن “المسلة هي نصب تذكاري بارز ومنفصل يَبرز على أحد أجزائه تاريخ معين. لكن الكتابات والنقوش التي تزيّن صخور نهر الكلب هي جزء من الموقع، لذا من الأفضل تغيّر التسمية إلى نحت”. وتشبّه عفيش موقع نهر الكلب “بالمتحف في الهواء الطلق”. فهناك النحوت التي كتبها الملوك، والتي لا تزال تبرز قوة جيوشهم وجبروتها، وتلك التي جرى التلاعب بها في فترات لاحقة “لمحو” مرور تلك القوات من على هذا الجبل. إذ إن الكتابات على نهر الكلب كانت تخليداً لذكرى انتصار الجيوش المحتلة على هذا الحاجز الطبيعي، وكان كل نحت يمثّل تحدياً للتاريخ. لذا، كان بعض الملوك يتلاعبون بالكتابات، فيمحون نصوص الأقدمين ويحفرون نصوصهم مكانها. وتُبرز مقالات العلماء في هذا العدد من مجلة “بعل” تلك التلاعبات من خلال الدراسات التفصيلية التي تقدّمها للموقع.
تعدّ كتابات موقع نهر الكلب من أهم شواهد هذا البلد، لكنها اليوم مهدّدة. إذ إنّ التلوّث البيئي وبناء الخط السريع من تحتها يسرّعان بطريقة مهولة عامل تعرية الصخور، وقراءة الكتابات باتت أصعب بكثير، لذا أتت هذه الدراسة التفصيلية في أوانها.