أكدت معلومات أمنية لبنانية عثور الفريق البريطاني على جثة الصحافي اليك كوليت في منطقة عيتا الفخار، إذ من المتوقع أن تصل اليوم أو غداً نتائج الحمض النووي التي أرسلت عينة منها الى لندن فجر أمس. ولكن العثور على جثة كوليت أو عدمه يستدعي تحركاً قضائياً لبنانياً لاستخراج كل الجثث المدفونة في الموقع الفلسطيني السابق
عفيف دياب
أنجز الفريق البريطاني، الأمني والعلمي، مهمة بحثه الميداني عن جثة الصحافي والعامل السابق مع الأمم المتحدة اليك كوليت في موقع سابق لتنظيم حركة فتح ـــــ المجلس الثوري في أطراف بلدة عيتا الفخار الشرقية. وقالت معلومات خاصة بـ«الأخبار» إن الفريق البريطاني (مؤلف من 11 خبيراً) الذي يرأسه الملحق العسكري في السفارة البريطانية، توصل الى استنتاج أولي يفيد بأن الجثة التي عثر عليها اول من امس على اطراف الموقع الشمالية: «تعود الى اليك كوليت بنسبة 95 %». وأوضحت المعلومات ان السفارة البريطانية «أرسلت فجر اليوم (أمس) عينة من الحمض النووي للجثة الى بريطانيا على متن طائرة أقلعت من مطار بيروت تمهيداً لتأكيد المعلومات والمعطيات الأولية التي تشير الى ان الجثة تعود الى كوليت». وقال مسؤول أمني لبناني تابع مع الفريق البريطاني أعمال التنقيب والبحث عن جثة كوليت منذ بدء مهمتهم يوم الأحد الماضي لـ«الأخبار» إن «الفحوص الطبية الأولية التي أجريت في الموقع بإشراف البريطانية المختصة بعلم الطب الباطني (PATHOLOGY) الدكتورة جولي، أعطت مؤشرات بنسبة 95% تؤكد أن الجثة تعود إلى الصحافي كوليت، وهي كانت قد دفنت قبل نحو 23 سنة في عيتا الفخار». وأضاف أن «نتائج فحوص الحمض النووي التي أرسلت الى لندن ستظهر بعد 3 أيام» كاشفاً ان الأدلة الأولية «أظهرت أن الصحافي كوليت تعرض لتعذيب قاس وعنيف قبل إعدامه». وأوضح أن «بقايا الثياب التي كان يلبسها لحظة اعدامه، وتظهر في صورة فوتوغرافية وفيلم فيديو، خلال إعدامه شنقاً، تعطي دليلاً ساطعاً على أن الجثة تعود إلى اليك كوليت الذي كان يلبس قميصاً مرقطاً». وتابع المصدر الأمني أن الصحافي كوليت «كان قد خضع لعملية جراحية قبل اختطافه بسنوات حيث بترت إحدى أصابع يده، وقد تأكد الفريق العلمي البريطاني من هذا الدليل الحسي حين أجرى فحصاً دقيقاً على الجثة في عيتا الفخار قبل أن يرسل منها عيّنات الى بريطانيا لـحسم الموضوع بطريقة علمية ونهائية تمهيداً لمغادرته المنطقة». وأعرب هذا المصدر عن اعتقاده بأن الفريق البريطاني، الذي يعمل تحت إشراف قوة من استخبارات الجيش اللبناني وجهاز امن الدولة وطبيب شرعي لبناني «قد أنجز المهمة الموكلة إليه ميدانياً، ولكنه لا يستطيع مغادرة الموقع رسمياً قبل حسم النتائج التي توصل إليها سلباً أو إيجابا»ً. وقال مصدر مطلع على اعمال الفريق البريطاني لـ«الاخبار» ان البعثة الامنية والعلمية البريطانية «رفضت اعطاء عينات من الحمض النووي للفريق اللبناني الذي يتابع الموضوع ميدانياً»، موضحاً أن «جثة كوليت قد تنقل خلال الساعات القليلة المقبلة الى مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت». من جهة ثانية، اوضح مصدر قضائي لبناني لـ«الاخبار» ان النيابة العامة الاستئنافية في البقاع تتابع الموضوع «عن كثب، ولا يمكننا السماح للفريق البريطاني بنقل الجثة الى بريطانيا او الى اي مكان آخر داخل لبنان قبل اجراء المقتضى القانوني مع الدولة اللبنانية التي سهلت اعمال البعثة البريطانية. ونحن على استعداد تام لإنهاء هذا الملف الانساني وفق المقتضى القانوني اللبناني»، لافتاً الى ان القضاء اللبناني «يعدّ ملفاً قضائياً عن الموضوع، وهو قد قدم التسهيلات القانونية اللازمة لإنجاز المهمة الانسانية»، نافياً علمه بالمعلومات التي تحدثت عن نجاح الفريق البريطاني في العثور على جثة كوليت. وقال :»عثر الفريق على جثتين، الأولى لرجل في العقد الثاني من عمره، والثانية تعود لرجل يعتقد أن صاحبها الصحافي البريطاني اليك كوليت».
نجاح الفريق الأمني والعلمي البريطاني في العثور على جثة كوليت في موقع سابق لحركة فتح ـــــ المجلس الثوري قبل ان يصبح في عهدة الجيش السوري بعد عام 1988، والعثور على جثة شخص مجهول، يستدعي تدخلاً قضائياً وأمنياً لبنانياً وإجراء مسح شامل للموقع المذكور ومحيطه الجغرافي الوعر بحثاً عن جثث أخرى يعتقد أنها مدفونة هناك. وقال مسؤول أمني لبناني إن حركة فتح ـــــ المجلس الثوري «كانت تشتهر بتنفيذ تصفيات جسدية داخل مواقعها العسكرية السابقة في البقاع ضد مناوئين لها أو من تتهمهم

تصفيات بالجملة والمفرق جرت داخل هذا الموقع، إضافة الى مواقع أخرى ومنها خلة الزويتي

بالعمالة والتجسس لمصلحة تنظيمات فلسطينية أو أجهزة أمنية عربية ودولية». وأضاف ان اكتشاف الفريق البريطاني لجثة كوليت «أعطى مؤشراً على وجود جثث اخرى في المنطقة، وبالتالي أصبح الأمر ملحّاً لإصدار قرار سياسي وقضائي لإجراء عملية تنقيب واسعة عن جثث أخرى مدفونة في داخل موقع المجلس الثوري ومحيطه». وأعرب هذا المصدر الأمني عن اعتقاده بـ«وجود مقبرة جماعية داخل الموقع الفلسطيني، وبالتالي فإننا نحتاج الى تحرك النيابات العامة وإعطاء الضوء القانوني للتحرك الميداني والكشف على الموقع وإخراج الجثث الأخرى المدفونة هناك ومعرفة هوية أصحابها». وأكد هذا المصدر أن فتح ـــــ المجلس الثوري «كانت تنتشر في عدة مناطق بقاعية، ولا سيما في منطقة الروضة في البقاع الغربي، حيث كانت أهم مراكز المجلس الأمنية، والمعلومات التي لدينا تتحدث عن تصفيات بالجملة والمفرق جرت داخل هذا الموقع، اضافة الى مواقع اخرى وتحديداً موقع خلة الزويتي في عيتا الفخار». من جهة أخرى أفاد مسؤول عسكري فلسطيني سابق في البقاع «الأخبار» بأن حركة فتح ـــــ المجلس الثوري «أعدمت عشرات الأشخاص من جنسيات لبنانية وفلسطينية وعربية كانوا أعضاء في الحركة». وتابع بالقول «لم نكن نملك معلومات موثقة عن مصير هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يعدمون شنقاً أو رمياً بالرصاص أو تذويباً بمادة الأسيد داخل موقع المجلس الثوري، وإنما كانت تصلنا معلومات امنية غير موثقة مصدرها عناصر من المجلس الثوري كانوا يهربون من مواقع الروضة وعيتا الفخار وشقق سكنية كانت مستأجرة في عدة قرى في البقاع الأوسط». وأوضح ان الاستخبارات السورية «أقدمت على طرد عناصر المجلس الثوري من البقاع أواخر عام 1988 بعدما اعتقلت مجموعة كبيرة من القادة الأمنيين لهذا التنظيم، وسيطرت على مواقعهم تنظيمات فلسطينية او تحولت الى مواقع مستحدثة للجيش السوري».


مواقع عيتا الفخّار العسكرية

عرفت بلدة عيتا الفخار ومنطقتها انتشاراً كثيفاً للمواقع الفلسطينية بدءاً من أواخر عام 1969. ويقول المواطن الياس برهوم (83 عاماً) من عيتا ان العناصر الفلسطينية التي تحولت مواقعها الى علنية بعد عام 1973 «كانوا أوادم كثيرا، ولم نلحظ يوماً اي استفزازات او اعتداءات ضدنا». وأضاف «بعد عام 1977 تحولت منطقتنا الى اكبر تجمع عسكري فلسطيني، حيث كانت توجد مراكز للتدريب وأخرى للتموين وبعض المواقع القتالية، ولكن منذ عام 1982 تراجع عدد المواقع الفلسطينية بعد خروج ياسر عرفات من لبنان». ويقول مسؤول سياسي فلسطيني في البقاع ان التنظيمات العسكرية والأمنية الفلسطينية التي كانت على علاقة غير ودية مع سوريا «أخلت جميع مراكزها في منطقة عيتا الفخار بين 1982 و1984، حيث انحصر الوجود بتنظيمات فتح ـــــ الانتفاضة بقيادة العقيد ابو موسى، وحركة فتح ـــــ المجلس الثوري قبل طردها من المنطقة في عام 1988، والجبهة الشعبية ـــــ القيادة العامة». وأضاف «لم يعد يوجد في منطقة عيتا الفخار اليوم سوى موقع واحد لفتح الانتفاضة يضم مجموعة من عناصر الحراسة، وهم من كبار السن لا يقوون على فعل شيء».