عفيف ديابعثرت البعثة البريطانية التي تنقّب في موقع عسكري فلسطيني سابق في أطراف بلدة عيتا الفخار الشرقية (قضاء راشيا) على جثتين مدفونتين قرب الموقع الذي كانت تستخدمه عناصر تابعة لحركة فتح ـــــ المجلس الثوري قبل أن تخليه عام 1988.
وقال مسؤولون أمنيون لبنانيون لـ«الأخبار» إن البعثة البريطانية المكلفة البحث عن جثة الصحافي أليك كوليت، الذي خطف قرب مطار بيروت عام 1985، بناًء على معلومات بحوزة استخبارات بلادها، عثرت بعد ظهر أمس على جثتين، وأوضحوا أن البعثة «أعادت دفن جثة بعدما تبيّن لها أنها لا تعود إلى الصحافي أليك كوليت، بل إلى مقاتل يبلغ من العمر حوالى 20 عاماً، وهذا ما أكدته أيضاً بقايا ثيابه العسكرية». فحوص الحمض النووي على الجثة الثانية التي كانت مدفونة على بعد 20 متراً من الجثة الأولى، ومقارنتها بعيّنات من الحمض النووي لكوليت الموجودة بحوزة فريق التنقيب «ستظهر نتائجها النهائية خلال الساعات المقبلة بعدما جرى نقلها بسيارة جيب تعود إلى السفارة البريطانية»، وفق مسؤولين أمنيين.
البعثة البريطانية التي أقامت مخيماً لها في المنطقة الوعرة، يضمّ مختبراً وغرف منامة يوم الأحد الماضي، ستستكمل عملها إذا لم تكن الجثة الثانية عائدة إلى الصحافي كوليت. الطبيب الشرعي الدكتور علي سلمان أجرى كشفاً على الجثتين بتكليف من الدولة اللبنانية، وقال إنه لم يلحظ آثار عنف على الجثتين، فيما أعربت جهات متابعة عن اعتقادها بأن الجثة التي نُقلت إلى خارج منطقة عيتا الفخار «يرجح أن تكون للصحافي أليك كوليت، لأن شكوكاً ساورت الفريق البريطاني الميداني خلال مقارنته حمض الجثة النووي مع عينات من الحمض النووي لأفراد من أسرة كوليت، وبالتالي جرى نقل الرفات إلى بيروت للتأكد من تطابق العينات».
الجثة التي نُقلت إلى خارج عيتا الفخار يُرجح أن تكون للصحافي أليك كوليت
وجدد المتابعون للملف مع الجانب البريطاني أن المهمة الإنكليزية «تتم بالتنسيق التام مع الدولة اللبنانية التي تشرف على عمل البعثة من خلال فريق تابع للجيش اللبناني»، وكشفوا لـ«الأخبار» أن في حوزة البعثة البريطانية «صورة فوتوغرافية لأليك كوليت مشنوقاً».
تضارب المعلومات، وغياب أي تعليق رسمي لبناني أو بريطاني، فتحا الباب أمام جملة واسعة من الأسئلة عن الهدف البريطاني الحقيقي من وراء البحث والتنقيب عن جثة كوليت. وقال متابعون إن منطقة بيادر العدس ـــــ عيتا الفخار شهدت زيارات متكررة لفرق أمنية أجنبية، أميركية وبريطانية ونروجية وأخرى من الأمم المتحدة، خلال السنوات العشر الماضية بحثاً عن 3 جثث تعود إلى جنود إسرائيليين قتلوا في منطقة بيادر العدس ـــــ السلطان يعقوب خلال مواجهات عسكرية مع الجيش السوري ومنظمات فلسطينية ويسارية لبنانية خلال اجتياح صيف 1982، حيث جندت إسرائيل كل أجهزة الأمن الحليفة لها بحثاً عن جثث جنودها في المنطقة، وصولاً إلى تجنيد عملاء وجواسيس لمساعدتها في إيجاد جنودها الثلاثة، وكان آخرهم زياد الحمصي الموقوف لدى القضاء اللبناني والمتهم بالتعامل مع إسرائيل وبأنه كان مكلفاً مباشرة من الموساد الإسرائيلي البحث عن هؤلاء الجنود في منطقة عيتا الفخار وفق اعترافاته أمام استخبارات الجيش اللبناني إثر إلقاء القبض عليه.
يُذكر أنّ أهالي عيتا الفخار فوجئوا يوم الأحد الماضي بحضور أمني كثيف في بلدتهم، تبيّن أنه لفريق متخصص من السفارة البريطانية في بيروت تواكبه قوة من الدرك والجيش اللبناني. وأجرى عناصر هذا الفريق عمليات تنقيب في منطقة وعرة قرب البلدة القريبة من الحدود اللبنانية السورية، بحثاً عن جثة الصحافي البريطاني اليك كوليت (64 عاماً)، الذي خطف في 25 آذار عام 1985 قرب مطار بيروت، ويعتقد أنها مدفونة في محلة تعرف بخلة غزالي، حيث كانت هناك سابقاً مواقع عسكرية فلسطينية.
وكان مسؤولون أمنيون قد قالوا لـ«الأخبار» إن السفارة البريطانية تملك معلومات «غير مؤكدة» تتحدث عن دفن كوليت في موقع سابق تابع لحركة فتح ـــــ المجلس الثوري.
وأضافوا أن السفارة البريطانية تملك معلومات من مصادر أمنية متنوّعة تحدثت عن وجود جثة كوليت في الأطراف الشرقية لعيتا الفخار، ومن المقرر أن تستكمل أعمال الحفر اليوم بعدما أحضرت السفارة البريطانية (أول من أمس) حفارة ومعدات للتنقيب. ونفت المصادر علمها إن كانت المعلومات البريطانية دقيقة أو موثقة، مشيرة إلى أن «أعمال الحفر ستكشف حقيقة هذه المعلومات».