راجانا حميةلم يضف مؤتمر «المخيّمات الفلسطينية في لبنان واقع بائس يبحث عن حلول» جديداً إلى وصف واقع هذه المجتمعات العالقة، منذ بداية الكفاح المسلّح، بين الإجراءات اللبنانية «الأمانية» حسب مفردات لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، و«التضييق» عليهم بحسب الفلسطينيّين.
إذاً، كان مضمون مؤتمر أمس، هو نفسه مضمون المؤتمرات الأخرى عن الفلسطينيّين ومخيمات لجوئهم: تشريح للأوضاع المزرية التي يعيشها هؤلاء، من دون طرح حلول، أو حتى مصارحات في خطاب «الضحيّتين».
مشكلة قضية فلسطين الكبرى هي التسويات المنفردة مع العدو
وقد بدت المواقف «الثابتة» في جلستَي اليوم الأول من المؤتمر، الذي ينظّمه مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية، سيدة الموقف. وفي جلسة «مشاريع السلام: هدنة أم طريق لحل دائم»، لم يكن ثمة شك في أن كل ما قاله المحاضران هو إعادة تذكير بحقيقة لا تزال هي هي منذ 61 عاماً «أن العرب لم يستطيعوا تحقيق السلام ولا حتى الهدنة المؤقتة». وقد تمحورت كلمات المحاضرين حول النقطة نفسها، وإن بطرق مختلفة لإيصالها، فوزير الدولة عدنان السيد حسين أوجز الأزمة بقوله إن «المشكلة الكبرى في قضية فلسطين هي التسوية». وألقى السيد حسين باللوم على «ما يسمى التسويات المنفردة، التي كانت تقوم بها بعض الدول العربية»، ما أدى إلى «تأجيل حق تقرير مصير الفلسطينيين، وتقدّم شعار أمن إسرائيل، وإصابة القضية بالوهن نتيجة الخلافات بين حركتَي فتح وحماس». زد على كل هذا «موقف الإدارة الأميركية التي لم تثبت طوال تولّيها مهمة إرساء السلام أنها وسيط عادل».
إذاً، لا هدنة ولو مؤقتة مع العدو، المصرّ على احتلال كل فلسطين. يساعده على ذلك عدم وجود قوى عربية موحّدة للدفاع عن حقوق من هجّروا من أرضهم. باختصار، يقول رئيس المنتدى القومي العربي معن بشور: «لا احتمال أمامنا سوى أننا أمام صراع مفتوح وحرب دائمة».
لا هدنة، وبالتالي لا جديد في الجلسة، تماماً كما الجلسة الثانية التي تمحورت حول «العلاقات اللبنانية الفلسطينية». فهنا، لم يغب الجديد فقط، بل حضر القديم بقوة. القديم بشقّيه: خوف اللبناني من الفلسطيني وشعور الفلسطيني بالغبن في أحضان الدولة المضيفة التي «تحرمه العيش بكرامة». باختصار، يمكن تشبيه العلاقة اللبنانية الفلسطينية بالعلاقة بين صلاح صلاح ونائب رئيس حزب الكتائب جوزف أبو خليل في الندوة. الإثنان صديقان، ولكن من منظورين مختلفين. فصلاح صديق أبو خليل «رغم أنه كتائبي»، كما أن صلاح «من أهل بيت» أبو خليل، ولكن «لبنان أولاً»، كما قال. اختلافات برزت بوضوح، حتى لم يعد يجمع بين «الضحيّتين» سوى آداب المخاطبة، ومعزّة شخصية، لا شك في أنها لا تكفي لتقويم العلاقة بين الجهتين.