لم تكن عودة الطلاب اللبنانيين في الجامعات الأوكرانية، الى بلدهم على سبيل الإجازة كالعادة، بل جاءت خارج موسمها، بعد إقفال جامعات «إيفانا فرنكا» في مدينة ليفيف، تحسباً من انتشار وباء AH1N1
البقاع ــ أسامة القادري
لم تكن الانتخابات البرلمانية والرئيسية هي وحدها ما تأجّل في أوكرانيا بسبب وباء «إيه إتش1 أن1»، إذ أصدرت إدارات الجامعات هناك، بدورها، قراراً مفتوحاً بالإقفال، تحسباً من انتشار «مرض العام» بين الطلاب، وخصوصاً أنه قد انتشر بسرعة قياسية في البلاد ليصيب حوالى 200 ألف مواطن خلال فترة زمنية قصيرة. وفي حين أن «اللي عند أهلو عمهلو»، أصاب هذا القرار الطلاب اللبنانيين الذين يتابعون دروسهم في أوكرانيا، و«مش عند أهلن» بالإرباك: هل يحبسون أنفسهم في منازلهم أم يعودون ويقضون فترة الإجازة في بيوت أهاليهم في لبنان؟ وخصوصاً أن الجهات الرسمية لم تتدخّل في توجيههم أو تسهيل أمور عودتهم، كما يقولون.
«كنا أمام خيارين، إما البقاء سجناء في مساكننا، أو العودة الى بلادنا لحين انتهاء المدة المقررة حتى 23 من الشهر الجاري»، يقول الطالب سليمان سعيد، الذي يتابع دروسه في كلية الطب العام، والذي نجح في الوصول إلى أهله سالماً. ويعرب سليمان عن استيائه لبقاء عدد من زملائه في أوكرانيا، «ليس لأنهم حديديون لا تخترقهم العدوى» كما يقول، بل «لأن عدوى الحاجة والفقر أقوى من أي مرض، لذلك فضلوا البقاء،» خاتماً «الله يعينهم ما عندهم حل غير البقاء في المنزل». وبينما يتخوّف سعيد من تمديد مهلة الإقفال التي قد تؤدي إلى تأخير تخرجه لعام آخر، يعبّر ذووه عن فرحتهم بعودته سالماً من انفلونزا الخنازير، وهي عودة «أهم بكثير من شهادة الطب» كما يقولون.
بلغت حصة البقاع 15 طالباً من الطلاب اللبنانيين العائدين، الذين بلغ عددهم بالمجمل 70 طالباً، وهي نسبة ضئيلة مقارنة بالطلاب العرب الذين غادروا أوكرانيا، والذين بلغ عددهم حوالى 350 طالباً. نسبة يعزوها بعض الطلاب العائدين إلى عدم تدخّل «المسؤولين اللبنانيين وعدم اهتمامهم بمواطنيهم وجالياتهم خارج البلاد» كما يقول الطالب ف. ك (آثر عدم ذكر اسمه)، الذي نجح بدوره في العودة لأن مدة الإقفال قد تطول، فيما ظلّ «على اتصال يومي مع الجامعة عبر الإنترنت، وأي جديد نبلغ فيه»، كما يشرح.
لا تختلف الحال مع الطالب ع. ت، الذي رفض الإفصاح عن اسمه بالكامل بعد سؤاله عن دور السفارة اللبنانية في عودته، رغبةً منه في معاتبتها على تقاعسها عن الاهتمام به وبزملائه.
يقارن الطالب بين عدم الاهتمام به كلبناني في الخارج والاهتمام به فقط حين يطأ أرض الوطن، لافتاً، بسخرية، إلى أن الإجراءات الوقائية المتخذة في المطار، قد نجحت في رصد إصابة طالب «ممن عادوا معنا، كانت حرارته مرتفعة ولم يتبيّن لنا أنه يحمل الفيروس سوى في مطار بيروت!» كما يقول.
يشرح ع. ت معاناة الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا خلال الفترة القصيرة التي تلت قرار إقفال الجامعات، لافتاً إلى أن «أحد الطلاب اتصل بوزارة الخارجية والمغتربين، طلباً للمساعدة بما أن السفارة هناك لم تسأل عنا، فنصحوه بالعودة الى لبنان إلى حين انتهاء مدة الإقفال، من دون أن يتطرقوا إلى أية تسهيلات قد يقدمونها من خلال السفارة لتسهيل العودة». ويقارن ع. ت بين معاملة سفارة بلاده التي أهملت السؤال عن مواطنيها، وبين السفارات العربية التي لبّت جميع الاحتياجات الإدارية والمادية لجالياتها في أوكرانيا من الطلاب ومن غير الطلاب، ثم يضيف متهكماً «لو فيه انتخابات كنا صرنا لبنانية وإلنا حق.. بس اليوم في انفلونزا مش انتخابات!».


لكل مواطن كمامة

صدر أول من أمس عن تيار المستقبل في فرنسا بيان أفاد أنه «بتوصية من رئيس مجلس الوزراء سعد الدين الحريري، عمل التيار على إرسال 3000 كمامة واقية من الأنفلونزا «1 AN1H»، وكمية كبيرة من السوائل المعقمة إلى منسق التيار في أوكرانيا فهد خضر، الذي سيتولى توزيعها على أبناء الجالية اللبنانية هناك، البالغ عددهم 2500 شخص».
جدير بالذكر أن مرض الانفلونزا قد بدأ منذ فترة طويلة نسبياً بالانتشار، وأن إرسال الكمامات جاء متأخراً، بعدما عاد الكثير من المغتربين. كذلك، لا بد من ملاحظة غياب دور الدولة اللبنانية وسفاراتها في الخارج عن الاهتمام برعاياها، وإيكال هذه المهام إلى جهات سياسية وحزبية.