مايا ياغيارتبطت أيام الأعياد لدينا بعادات غذائية تقلب نظام حياتنا رأساً على عقب. بالنسبة إلى عيدي الميلاد ورأس السنة، فهما لا يستقيمان من دون مدّ موائد تضم كل ما تشتهيه العين من أنواع مأكولات شرقية أو غربية، دسمة في كلتا الحالتين من دون أن ننسى طبعاً قالب الحلوى. على المائدة كميات كبيرة من الطعام، وتشكيلة واسعة جداً من المطبخ اللبناني: يتوسطها جاط التبولة والمقبلات اللبنانية من متبلات ومعجنات، حتى يشعر كثيرون بالشبع قبل وصول الطبق الرئيسي من مشاوٍ مختلفة أو أرزّ أو حبش...
هنا تبدأ الحرب الموجهة إلى معدتنا، إذ نبدأ بدكّها بكل ما نشتهي من أصناف، ويبدأ الصراع بينها وبين العين التي لم تشبع من سفرة زينت بأشهى المأكولات وأطيبها. منتهى رمضان ثابرت منذ أكثر من شهرين على تخفيف وزنها، استعداداً منها للوزن الزائد الذي ستكسبه أيام العيد، ليصبح يوم رأس السنة «فشة خلق إلي بعد حرمان طويل من أكلات دسمة واللي خسرتو بشهرين بيرجعلي بيوم واحد» كما تقول. سمر إسماعيل تتبع حمية غذائية، لكن «ارمي كل شيء ورا ضهري ليلة العيد وبعدين بصوم كم يوم لأرجع اخسر الوزن اللي زدتو» كما تشرح. النتيجة أننا غالباً ما نستقبل العام الجديد بشعور بالكسل والاسترخاء، لأننا نكون قد ودعنا الأخير بكمية من الطعام لا تقوى أجسادنا على تحملها. هذا ما يشعر به علي حطاب الذي يقول: «معظم الأحيان ما بقدر كفي السهرة وبضطر نام».
يعلّق الدكتور حسام المقهور، اختصاصي أمراض داخلية وغدد وهرمونات بأنه «يجب ضبط النمط الغذائي، وخصوصاً أيام الأعياد والمناسبات. فيوم العيد كفيل بتعرضنا للكثير من الأمراض، وإذا لم نتعرض لمشاكل صحية، فمن المؤكد تعرضنا لتغيرات في المزاج بعد تناول هذه الوجبات المشبعة بالدهون والسهر إلى طلوع الفجر». ولا يقف الأمر هنا، بل إن المشكلة تزداد سوءاً إذا كان السهر في المطعم، وبالتالي لا يمكن ضمان صحة وجود المأكولات ونظافتها، وخصوصاً أطباق التبولة والخضار، وهذا ما يمكنه أن يسبب تسمماً غذائياً.
ميساء استقبلت العام الجديد في السنة الماضية وهي طريحة الفراش، بسبب المغص الذي أصابها والذي تبين أنه ناتج من تلبّك في جهازها الهضمي لأنها «ما خليت صنف إلا أكلت منو، مع أن الكمية قليلة، بس صارت معدتي كوكتيل من الأشكال والألوان» كما تعترف.
اختصاصية التغذية سلام برّو لا تمانع تنوع الأطباق، لكن تدعو إلى تركيز الساهرين على الأطباق الرئيسية وتجنب المازة والحلويات والاستعاضة عنها ببعض أنواع الفاكهة.
يرتبط الطعام في ثقافتنا بأشكال الاحتفال، إلا أنه لا بدّ من الانتباه إلى نوعية هذا الطعام وكميته، حتى لا نقضي ليالي العيد في المستشفيات.