صيدا ــ خالد الغربيغزت بسطات «كوتيون العيد» وزماميره أرصفة صيدا، عشية رأس السنة، وانتشر الباعة وكلّ ينادي على بضاعته. فبين «زمّر زمّر يا زمّور» و«اسحب لوتو يا حبّوب»، عادت إلى الشارع حركته. يصرخ البائع ياسين البيلاني منادياً والابتسامة لا تفارق ثغره. يفرح الرجل بما يحققه من أرباح خلال فترة الأعياد، مشيراً إلى أنه يبيع يومياً «العشرات من الأكياس المعبأة بالزمامير والماسكات والطرابيش الملونة والمنوعة التي أصنعها بنفسي». مع ذلك، يدرك الرجل أن ما يبيعه في هذا الموسم لا يجعله يحقق ثروة «بالكاد عم نلحس إصبعنا، بس أحلى من غير إيام، و2000 ليرة (ثمن كيس الكوتيون) بالجيبة أحسن من مئة ألف بالخيال». ينهي كلامه، ويعود إلى زموره وأغنيته المعتادة «واحد، تنين، تلاتة، الشعب اللبناني يا حياتي». يصدح صوت البيلاني وسط السوق، فيلاقيه جاره أبو طارق جلول بأغنية «مهداة إلى السياسيين»، ينهيها بتعليق ساخر «شوف يا عمي، صدقني الماسكات التي نبيعها تبقى أجمل من وجوه بشعة لسياسيين لبنانيين، وليس بمقدور الشعب اللبناني اكتشاف الوجوه الحقيقية لهؤلاء السياسيين لكونهم يتلوّنون بألف وجه، وبدك شي مئة سنة على الأقل حتى تكتشف وجههم التضليلي». ينهي كلامه عن السياسيين وينتقل إلى زبائنه من «النسوان». أما لماذا هذه السخرية؟ يبتسم جلول قائلاً: «تصوّروا أن بعض النساء يحضرن إلى البسطة ويطلبن منا ماسك لوجه هيفا وهبي ليضعنه على وجوههن، على أساس إذا لبسن وجه هيفا، يصبحن هيفا ثانية، وما إلك إلا هيفا». و«للرجال بعض السخافات»، يقول جلول، مشيراً إلى أن «بعضهم يطلب منا ماسكات ترمز إلى الوجاهة والجاه، ويسمّون لنا شخصيات يريدون الاقتداء بها، وهي شخصيات ما بشتريها بقرش ونص». وبالقرب من بسطة جلول، نسي أبو أحمد زبائنه وعلا صوته بالغناء لسنة «العشرين ـــــ عشرة»، فيقول: «وإجت العشرين ـــــ عشرة والله يرحم اللي مضى، والله يعينّا من اللي جاي».
على بعد أمتار من بسطة أبو أحمد، ينهمك محمد سلامة بلصق «أمنياته» على جانبي البسطة. بدت «لائحة الأمنيات» التي رفعها سلامة أقرب إلى بيان مطالب، عادة ما يصدر عن نقابات عمالية، فمثلا نقرأ في سلة أمنيات الرجل للعام الجديد بنداً يطالب بتحقيق «التوازن في البطون فلا يجوز أن تكون هناك بطون مليانة وأخرى خاوية»، وفي بند آخر يطالب بتحسين الظروف الاجتماعية «بدنا نتزوج ونكوّن أسرة صالحة يا ولاد الحلال»، لكن سلامة يدرك أن رياح أمنياته تجري على غير ما يشتهيه وأن أحلامه ستبقى معلّقة. لذلك يقول «هيدا كلام بكلام بدها معجزة ربانية، الله يعينّا من اللي جاي».