فاتن الحاجبات واضحاً أنّ انتفاضة أساتذة التعليم الثانوي والمهني الرسمي تسير وفق خطين متوازيين: التصعيد والحوار المشروط باستعادة الحق المكتسب كاملاً، أي 7 درجات. لكن ما يستغربه هؤلاء هو تكرار الحديث عن حوار لم يُدعَوا إليه، لا بل إنّ حنا غريب، رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، كشف في مؤتمر صحافي عُقد أمس، أنّ «الاجتماعات التي عقدناها مع وزير التربية كانت بناءً على طلب منا، وكان الوزير يبدي في كل اجتماع استعداده لمتابعة الموضوع وعرضه أمام المسؤولين ليُصار إلى إقراره؛ وكنا نضطر في كل مرة إلى المبادرة إلى طلب الاجتماع التالي معه بعد انقضاء أسابيع على الموعد الذي حدَّده لنا لمتابعة الحوار من دون أن يتصل بنا». كذلك فإنّ الوزير لم يعلن حتى الآن شكل التسوية التي بات يتكلم عنها في كل مناسبة. هنا يسأل الأساتذة: «هل ستكون هذه التسوية على قاعدة قضم المستحقات، أي المساومة على الدرجات أم على أساس جدولة آلية الدفع؟». فإذا كان الخيار الثاني هو المقصود، فالأساتذة مستعدون للحوار، علماً بأنّ تكلفة هذا الملف لا تتجاوز 40 مليار ليرة لبنانية.
ومع ذلك، لم تكشف رابطتا أساتذة التعليم الثانوي والمهني الرسمي، في مؤتمرهما المشترك أمس، عن أشكال التصعيد، وذلك عملاً بالأصول النقابية. هكذا، دعت الرابطتان مجالس المندوبين في المحافظات للانعقاد في 7 و 8 و 9 نيسان المقبل، على أن يُعقد اجتماع في 18 نيسان لمناقشة التوصية بتنفيذ الخطـوات التصعيدية الكفيلة باستعادة الحق، من إضراب واعتصام وتظاهر وصولاً إلى «أبغض الحلال».
وحين سألت «الأخبار» عما إذا كان «أبغض الحلال» يعني مقاطعة أعمال الامتحانات الرسمية قال غريب: «كل الخيارات مفتوحة بما في ذلك هذا الخيار، وإن كنا لا نتمنى أن نصل إلى هذه الخطوة، فلديهم متسع من الوقت لإعادة الحق كاملا». كذلك لم ينسَ غريب التذكير في كلمته بالانتفاضة السابقة عام 2000. حينها قاطع الأساتذة أعمال تصحيح الامتحانات الرسمية لمدة شهر، «وتمكنوا من استرجاع جزء من الحق (25%)، وهم اليوم أكثر تصميماً، كما قال، على استكمال هذا التحرك حتى استعادة ما بقي من حقوقهم (35% أو 7 درجات)».
وتحت شعار «نحن دعاة حوار من جهة، وأصحاب حق مكتسب من جهة ثانية»، عقدت الرابطة، بحسب غريب مجموعة اجتماعات، مع المراجع السياسية الوزارية والنيابية، وتسعى إلى استكمالها مع رئيس المجلس النيابي ورئيس مجلس الوزراء والكتل النيابية والوزراء، لتعرض عليهم الإجحاف الذي لحق بحقوق الأساتذة.
مقابل ذلك، رفض الأساتذة التذرّع بعدم توافر الاعتمادات المالية لسببين: أولهما: «لا عمل دون أجر»، وثانيهما: «أنّ ما يطالبون به حق مكتسب كان يُدفع لهم، واعتماداته كانت متوافرة ومن ضمن الموازنة العامة، حيث توقف منذ 12 عاماً: فأين ذهبت اعتماداته؟».
غريب قدّم سلسلة من الخيارات التي يمكن أن تعتمدها الحكومة لتأمين الاعتمادات حين سأل: «لماذا لا تفرض الدولة الضريبة على كبار الأغنياء وأصحاب الشركات الكبرى وأرباح المصارف؟ لمَ لا توضع ضريبة على أرباح الصفقات العقارية لنحقق ألف مليار ل.ل. لمصلحة الخزينة؟ لمَ لا تُفرض ضريبة على التحسين العقاري، ما يوفّر إيرادات بألف مليار ل.ل. إضافية؟ لماذا لا تُرفع التعديات على الأملاك البحرية والنهرية والبرية، وتُفرض الغرامات على المعتدين على الأملاك العامة؟».
أما جورج قالوش، رئيس رابطة أساتذة التعليم المهني الرسمي، فجدد التأكيد «أننا لا نطالب بغلاء معيشة، وحركتنا المشتركة هي للدفاع عن الأمن الاجتماعي والتربوي والصحي للأستاذ».


«الأساسي»: مباراة محصورة

تصرخ كلود حيدر، معلمة التربية الحضانية، بقلب «محروق»: «أنا مش فاشلة هنّي سقطوني لأنو ما في ورايي حدا». ثم تستدرك: «لو ما نحنا كفوئين ما كانوا خلونا نعلّم 13 سنة!». لم تخرج حيدر وزملاؤها في التعليم الأساسي بعد من صدمة الرسوب في مباراة مجلس الخدمة المدنية. هؤلاء حضروا، أمس، إلى وزارة التربية لتأكيد المشاركة في الدورات التأهيلية، إجراء مباراة محصورة بهم، احتساب علامة واحدة عن كل سنتي تعاقد، الإسراع في إلحاق الناجحين بمدارسهم. هؤلاء الناجحون تضامنوا مع زملائهم، ما أدى إلى إقفال عدد كبير من المدارس أمس التي تعتمد على المتعاقدين. أما الخبر اليقين، فسيُبلغه وزير التربية، الخميس المقبل، للمعلمين، إذ وعدهم بأنّه سيناقش معهم آلية المباراة المقبلة، وإنّ أكد لهم صعوبة إجراء مباراة محصورة بهم.