عكار ــ روبير عبد اللهلم تسلم محميّة كرم شباط الطبيعية الواقعة بين القبيات وفنيدق ومنطقة بيت جعفر في عكار من الانتهاكات. ويروي أنطوان ضاهر، رئيس مجلس البيئة والتراث في المنطقة لـ «الأخبار» كيف عثر أفراد مجموعة من الناشطين البيئيّين في مجلس البيئة، وهم يمارسون رياضة المشي في الغابة، على كمية كبيرة من أشجار الأرز المقطّعة والمجهّزة «للتحميل». فأجرى هؤلاء اتصالات بالجيش وفصيلة درك القبيات ومركز مأموري الأحراش الذين حضروا على الفور، كما حضر وفد من عشيرة آل جعفر، أبدى استياءه ممّا يحصل من «إبادة منظّمة للغابة الفريدة بطبيعتها الخلابة»، كما يقول المحامي مدحت جعفر.
وقد قُطعت ثلاث وعشرون شجرة أرز قُدّرت بثلاثة أطنان، صادرتها قوة من الفوج المجوقل في الجيش.
هنا يعلّق ضاهر على طريقة التعاطي المشترك بين جيران المحمية، التي تتجاوز، في رأيه، الشجرة لتطاول بنية العلاقة بين آل جعفر والقبيات، «إذ تتحول الطبيعة ومصادرها من موضع نزاع إلى موضوع تفاهم بما يعود بالفائدة على مكوّنات المنطقة».
ولم يكن هذا التعاون، كما قال ضاهر، ثمرة جهد مجلس البيئة وحده، بل ثمة فعّاليات أخرى من بلدة القبيات كانت لها مساهمتها في تعميق عرى التفاهم بين المنطقتَين.
التعاطي مع المحمية يتجاوز الشجرة إلى العلاقة بين آل جعفر والقبيات
وبالنسبة إلى بيت جعفر ثمة حرص على البيئة الخضراء، بحسب مدحت جعفر، الذي يرى «أن ما كان يحدث سابقاً كان يعبّر عن فهم خاطئ، فالجميع يحرص على حماية الثروة الحرجية، وبيوتنا ليست بعيدة عن المحمية، وكل شجرة عندنا غالية». ومع ذلك «أينما كان ثمة من لا يحب الشجر»، يقول. ويستدرك: «أما الأشخاص الذين يتداخل لديهم النشاط الزراعي والرعوي بالإضرار بالبيئة، فالمعالجة الرصينة والهادئة كفيلة بمحو ذلك التداخل».
وبينما تساءل أنطوان ضاهر عما إذا كان الفاعلون، الذين باتت أسماؤهم بحوزة الأجهزة الأمنية، التي وعدت باعتقالهم، سيتعرّضون لاقتصاص حقيقي في قضية باتت مكتملة المعطيات، أم أننا سنشهد لفلفة لمجزرة بهذا الحجم تتكرر للمرة الألف، وأصبحت تهدد غابات الأرز شمالاً، التي تنفرد بامتدادها لتغطي السفوح الغربية والشرقية لجبال لبنان، سرت معلومات عن إلقاء القبض على مجموعة من المنفذين مؤلفة من أربعة أشخاص سُلّموا إلى النيابة العامة.
أحداث طائفية متعددة جرت بين القبيات وبيت جعفر على امتداد فترة طويلة من الزمن. كان الخلاف على رعي بستان أو قطع شجرة يفجّر تلك الأحداث. فهل تغيّر مجرى التحالفات والصراعات الطائفية لتصبح تلك المسائل موضع تلاقٍ وتوافق بدل أن تكون موضع نزاع وحروب؟