جبيل ـــ جوانّا عازارأما الزميل بيار أبي صعب، فتوجّه إلى المشاركين بالقول: «إذا حدا تضحّك عليكن وقلكن انتو مواطنين، ما لازم تصدّقوا».

المثقفون قادرون على صياغة مشروع لبنان دولة مدنيّة
وأكد «أنّ اللبنانيين رعايا سلطات مختلفة، عند طوائفهم، ولا يعترف القانون بوجودهم بعيداً عنها». أضاف: «حقوقنا على الدولة يعطينا إياها زعيم سرق الدولة وأعطانا جزءاً منها». ووصف أبي صعب الحديث عن العلمانية السياسية بالترسيخ السرطاني للنظام الطائفي، لافتاً إلى أنّ الحلّ يكون «بإنشاء مدرسة المواطن وخلق ثقافة مضادة». وإذ استدرك أبي صعب أنّ المشروع مكلف على المدى الطويل، لكن حان الوقت، كما قال، لإعلان عصيان ثقافي مدنيّ يدافع عن فكرة وجود المواطن، ويغيّر انطلاقاً من الشارع، هذا الشارع الذي كثيراً ما يشهد تظاهرات سلميّة لناشطين في جمعيّات أهليّة. وقد شارك النائب غسان مخيبر، أخيراً، في إحداها في وسط بيروت للمطالبة بنظام مدني اختياري للأحوال الشخصية، وبقانون اختياري للزواج. وأشار مخيبر إلى أنّه يتظاهر «دفاعاً عن الدستور اللّبناني الذي يرسي قواعد الدولة المدنية لا سواها في وقت تنصرف فيه الإرادة السياسية وكل المنظومة السياسيّة إلى تعزيز الدولة الطائفية في مواجهة ما نص عليه الدستور».
«من هنا، مَن أجدى من المثقفيّن بوضع أسس الدولة المدنيّة؟»، يسأل النائب السابق بيار دكاش، لافتاً إلى أنّ «المثقفين قادرون على تكوين قوة فكرية لصياغة مشروع لبنان دولة مدنيّة». ويشارك في بناء هذه الدولة الإعلاميّون، بحسب الإعلامي سعيد غريّب، الذي تحدّث عن الحاجة إلى إعلام يبلور الوعي بشأن مفهوم الدولة المطالَبة، كما تقول د. أميرة أبو مراد «بإعادة النظر في كل النصوص القانونية النافذة وإصدار قانون متكامل للأحوال الشخصية». كذلك فالدولة تنقصها «التربية على المواطنيّة» التي لا تزال حتى اليوم، وفق د. أدونيس العكرة مستخدمة مجرّد انتحال صفة، وهي تبحث عن مكانة لها في التربية والتدريب. كما أنّ التغيير الثقافي والديني والسياسي يستوجب ظهور تربية دينيّة للدولة المدنيّة، كما يضيف المفكر د. رضوان السيّد.
وإن بدت الدولة المدنية في لبنان للبعض في الختام، بعد يوم طويل من الكلام السياسي والاجتماعي والقانوني والإعلامي، مشروعاً طوباوياً، فإنّ قول الفيلسوف الألماني غادامير هو خير جواب على ذلك كما يقول د. العكرة: «إنّ الطوباويّة هي في الوقت نفسه نقد للحاضر وموضوع جذب يوميّ لنا من بعيد».