الإنماء فوق السياسة»، هذا ما أجمع عليه المشاركون في مؤتمر «بعبدا بعد بدّا». اللقاء ناقش دراسة ميدانية قام بها نواب القضاء وتعكس حاجات المنطقة الإنمائية
عامر ملاعب
بغضّ النظر عمّا يمكن أن يوجّه إلى نواب بعبدا من انتقادات، فالدراسة الميدانية التي قاموا بها مثّلت نقلة نوعية على طريق التواصل بين المواطن وممثليه في المجلس النيابي. وبدا لافتاً في مؤتمر «بعبدا بعد بدا»، الذي نظمته كتلة نواب بعبدا في المعهد الأنطوني، ما تعانيه مجاهل القضاء المعروف بحيويته الاقتصادية، من فقر وتلوث، وهو ما يؤكد المساواة في الحرمان بين المناطق اللبنانية، سواء بعدت أو اقتربت من العاصمة.
الميزة الأخرى للمؤتمر أنّه قفز فوق السياسة الضيقة في نظرته إلى الملف الإنمائي، وقد ظهر ذلك من خلال تنوع الحضور والمتحدثين في جلسة الافتتاح أو ورش العمل. وهنا شدد وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي على أهمية أن يبقى الإنماء فوق السياسة، واعداً بتنفيذ مشاريع تنموية عدة وفق دراسات ميدانية دقيقة، وذلك بالتعاون بين النواب والبلديات والوزارات والنواب. كما تمنى العريضي إقرار الموازنة حتى يبدأ العمل، وخصوصاً أنّ وزارة الأشغال أنجزت كل المهام المطلوبة منها.
أما وزير الطاقة والمياه، جبران باسيل، فرأى أن «لبنان كلّو بدّو»، شارحاً أنّ قضاء بعبدا يضمّ اليوم 180 ألف مشترك في الكهرباء، أي 15 في المئة من مشتركي لبنان، ما يدلّ على الزحمة السكانية الكبيرة. والأزمة لا تحل، برأيه، إلا عبر تحسين البنى التحتية، وأهمها إنشاء محطة نقل في الضاحية وتقدر كلفتها بمبلغ 62 مليون دولار، واستملاك الأرض لها». وأضاف: «يوجد في قضاء بعبدا نحو 61700 مشترك في المياه، وسبب انقطاع المياه عن بعض المناطق هو السرقة وعدم دفع الاشتراكات المستحقة، ومن أهم المشاريع في هذا المجال جر 50 مليون متر مكعب من مياه الأولي إلى بيروت وساحل قضاء بعبدا، وبهذا نسد عجزاً كبيراً للمياه في ساحل القضاء». ولفت باسيل إلى الحاجة في منطقة غاليري سمعان إلى ضخ مياه البئر، التي تصبح مالحة في فصل الصيف، سنوياً بمليون ونصف مليون متر مكعب من المياه الحلوة لسد الحاجات في المنطقة. وذكّر بموافقة مجلس الوزراء على دراسة تكرير مياه سد القيسماني والاستفادة منها، مشيراً إلى أنّ تكلفة هذا المشروع كبيرة، لكنّ الحاجة إليه أكبر. وشدد وزير الطاقة على «ضرورة تسديد اشتراكات الكهرباء والمياه في القضاء خصوصاً وفي لبنان عموماً».
بدوره، أشار وزير الزراعة حسين الحاج حسن إلى «أن النظام السياسي في لبنان يمنع قيام خطة تنموية كبيرة، ويبقى المواطن رهن الاستجداء السياسي»، ودعا الى تطبيق الإرشاد الزراعي وتشكيل نواة للعمل مع وزارة الزراعة. كما طالب بالتشدد في مراقبة الواردات الزراعية وإقرار مشروع تسليف زراعي وتطبيقه، فضلاً عن الحفاظ على الموارد الطبيعية ولا سيما في قضاء بعبدا الغني بالغابات والأحراج». ولم ينس تأكيد «تحديث أنظمة تسويق المنتجات الزراعية لتحرير المزارعين من نظام «الكوميسيون».
النائب آلان عون عدّد مجموعة من الخطوات الإنمائية التي تحتاج إليها المنطقة، ما يسهم في تخفيف الاكتظاظ السكاني في الساحل والمتن ويسمح بإعادة الناس الى الأرياف، وهذا تحديداً إنجاز إنمائي استثنائي».
وأجمع كل من النواب حكمت ديب وفادي الأعور وعلي عمار وبلال فرحات على القول إنّ «بعبدا غائبة عن الخريطة الإنمائية والخدماتية للدولة اللبنانية، وإن كانت تحتضن رموز سيادة لبنان، إلا أننا أشبه ما نكون بآخر بقعة منسيّة من الجمهورية». وأكد النائب ناجي غاريوس دعم القطاع الصحي في القضاء وتعزيزه.
ورأى رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر أن الواقع الجغرافي والديموغرافي لقضاء بعبدا يجعل معالجة التحديات الإنمائية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمعالجة مشكلات المنطقة المدينية المركزية في لبنان. وعدّد مجموعة من المشاريع يقوم بها مجلس الإنماء والإعمار في القضاء.
في ورش العمل حيث اكتظت صفوف المعهد الأنطوني بالحضور والمشاركين في اللجان، التي قسمت الى ست، بالتساوي مع عدد نواب القضاء، وهي: القطاع التعليمي، المعالم التاريخية والأثرية، البيئة والأشغال، الشؤون الاجتماعية، الشؤون الاقتصادية والشؤون الخدماتية والصحية.
ويجمع من شارك في المؤتمر على ضرورة متابعة ما بدئ العمل به على أرض الواقع، كي يكون نموذجاً لكل أقضية لبنان، «القضاء الجار» عاليه الذي يحتاج إلى دراسة مماثلة لحاجاته الإنمائية.