سجّلت القوى الأمنية، أول من أمس، إنجازاً أمنياً بتحرير 3 رهائن مدنيين، بعد مطاردة «بوليسية» عنيفة مع شخصين «احترفا» السرقة والسلب. أوقفا بعد إصابتهما نتيجة إطلاق نار متبادل، لكنّ دماء العسكريين أنقذت حياتهما
محمد نزال
يحصل في بعض الأفلام السينمائية أن يأخذ «المجرم» المُطارد رهائن مدنيين بقوة السلاح، فيُهدد بقتلهم ما لم تتوقّف الشرطة عن مطارته. يتمكّن «البطل» في النهايات السعيدة من إنقاذ الرهائن، وإذا أراد المخرج نهاية أكثر سعادةً، يوقَف المُطارد حيّاً ويُساق إلى العدالة.
ما حصل أول من أمس، على الأوتوستراد الممتد بين منطقتي الأوزاعي وخلدة، لم يكن فيلماً سينمائياً، بل حقيقة وإنجازاً احترافياً يُسجّل للشرطة القضائية في قوى الأمن الداخلي.
في البداية، اشتبهت دورية أمنية في سيارة «بيكانتو» سوداء اللون، كانت متوقفة في الأوزاعي وفي داخلها شابان. تقدم أحد أفراد الدورية وطلب منهما إبراز بطاقات الهوية وأوراق السيارة، لكنّ أحدهما بادر إلى إطلاق النار من مسدس حربي، بحسب مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار»، دون أن يصاب أيّ من أفراد الدورية بأذى. أدار مطلق النار محرك السيارة، وانطلق مسرعاً باتجاه منطقة خلدة. تبعته الدورية على الفور، فبدأت مطاردة عنيفة تخلّلها إطلاق متبادل، فأصيب دولاب سيارة «البيكانتو» لكن ذلك لم يمنع السائق من الاستمرار في محاولة الهرب. أصيب دولاب آخر، قبل أن يُصاب السائق بطلق ناري في مؤخّرته، ما أجبره على التوقف تحت جسر خلدة.
تبرّع رجال من الشرطة القضائية بالدم للموقوفَين المصابَين
ما إن همّ رجال الأمن بالاقتراب من السيارة، حتّى خرج الشخص الذي كان إلى جانب السائق المصاب وتسلّق الجسر. حاول الهرب، لكنه حين رأى رجال الأمن يقتربون منه، فتح الباب الخلفي لإحدى السيارات المارّة على الجسر وصعد فيها. أخرج قنبلة يدوية وهدد بتفجيرها إذا أجبرته القوى الأمنية على النزول، متّخذاً من ركاب السيارة من أب وأم وطفلهما، رهائن ليتمكن من الهرب. حاول أحد العسكريين التحدث إليه، ولكن من دون نتيجة. شعر العسكري بأن حياة 3 أشخاص باتت في خطر حقيقي، بعدما حاول حامل القنبلة تنفيذ تهديده، فأخذ قراراً جريئاً وأطلق النار على رجلي حامل القنبلة، فأصابه. رمى المُصاب القنبلة فتدخل أفراد من الدورية. نُقل المصابان إلى المستشفى للمعالجة، بعدما سال منهما الكثير من الدم. كلاهما يحمل فئة دم نادرة، ولذلك لم يتوافر متبرع لهما، ما دفع قائد الشرطة القضائية العميد أنور يحيى إلى البحث عن أفراد من الشرطة يحملون فئتي الدم المطلوبتين، وتبرع بعض رجال الشرطة بالدم للمصابَين.
العميد يحيى أكد لـ«الأخبار» أنّ هدف الملاحقة ليس قتل شخصين غير مشتبه فيهما بل «توقيفهما وتحقيق العدالة، ولذلك أصدرنا أوامر وتوصيات إلى العاملين في المستشفى وإلى الحراس بإيلاء المصابَين العناية القصوى، والسهر على استعادة صحتهما وتعافيهما».
إثر نقل المصابَين إلى المستشفى، فُتّشت سيارتهما، فعثرت القوى الأمنية داخلها على مسدس وقنبلة يدوية وأصفاد وأقنعة ومخدّرات، إضافةً إلى كمية من المجوهرات كانا قد «سرقاها» في اليوم نفسه من منزل في بصاليم ـــــ المتن، بعدما اعتديا على العاملة الأجنبية في المنزل، بحسب ما جاء في اعترافهما.
تبيّن أن الموقوفين يحملان أكثر من بطاقة هويّة مزورة، وأن أحدهما سُجن سابقاً 6 مرات في جرائم مختلفة، وقد خرج من السجن للمرة الأخيرة قبل 6 أشهر، أمّا الثاني، فسُجن 4 مرات. وبعدما حدّدت الشرطة القضائية مكان إقامة أحد الموقوفين، وهو جمال أ. في أحد الفنادق في منطقة الحمرا، جرت عملية دهم لغرفته، فعُثر على مجوهرات مقلّدة ومسدس «خلّبي» نوع «ماغنوم» و6 ساعات يد ذهبية. يُذكر أن عملية المطارة والتوقيف شهدت اهتماماً أمنياً بارزاً، حيث تابع وزير الداخلية والبلديات زياد بارود تفاصيلها لحظة بلحظة، وذلك عبر الهاتف مباشرةً مع العميد أنور يحيى، وبالتنسيق مع المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي.