صيدا ــ خالد الغربييكشف «الوجه الآخر لمخيم عين الحلوة»، وهو عنوان الدراسة التي تعرض نتائجها مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان في ندوة تنظّمها اليوم في بلدية صيدا، واقعاً اجتماعياً واقتصادياً بائساً ومفجعاً، هو الجانب المنسي من المخيم على حدّ ما قاله لـ«الأخبار» مدير مؤسسة شاهد محمود حنفي. والدراسة «لتسليط الضوء على واقع مأسوي متجاهل لحساب صورة نمطية جائرة بحق المخيم تصنّفه مصدر قلق وإرهاب. وتسعى الدراسة إلى محاولة تغيير هذه الصورة النمطية الموشومة على جبين المخيم الحزين عين الحلوة، التي سبّبت له معاناة إضافية صرفت الأنظار عن جوهر القضية الإنسانية التي يعيشها هذا المخيم»، كما قال.
أهمية الدراسة في نظر حنفي أنها تتحدث بلغة الأرقام والمعطيات الحسية، وأنّها مبنيّة على «استطلاع الرأي الذي جرى مع عيّنة عشوائية ضمت 182 فرداً، شمل الخصائص الديموغرافية، والمسكن، والخصوبة وتنظيم الأسرة، والخصائص الصحية، خصائص الهجرة، الخصائص التعليمية، والخصائص الاقتصادية». وفي تلخيص لأهمّ ما جاء في الدراسة، فإن مخيم عين الحلوة هو مجتمع فتي، إذ تُمثّل نسبة من تقل أعمارهم عن 15 سنة 38,4 في المئة من مجموع السكان.
ويؤدي ضيق المخيم وارتفاع الكثافة السكانية (تشير بعض الإحصاءات غير الرسمية إلى وجود 70 ألف نسمة في مساحة لا تتعدى كيلومتراً ونصف كيلومتر مربّع) إلى مشاكل صحية ونفسية واجتماعية هائلة. فمعدل عدد أفراد الأسرة هو خمسة، أمّا معدل عدد الغرف في المنزل الواحد، فهو ثلاث غرف (تتضمن المطبخ). ويبدو أن معدل أفراد الأسرة تراجع عما كان عليه، ويعيد 60.7% ممن شملتهم العينة هذا التراجع إلى الظروف الاقتصادية. أما 61.1% من الأمراض المنتشرة بين سكان المخيم، فهي أمراض الضغط والتنفس، لعدم توافر البيئة الصحية. وتتحدث الدراسة عن «مؤشر مقلق» فاللاجئ الفلسطيني مسؤولية الأونروا، ولكنّ تراجع خدماتها الصحية «كمّاً وجودة» دفع بنسبة عالية من أبناء المخيم إلى اللجوء إلى عيادات خاصة برغم أوضاعهم الاقتصادية البائسة. وتظهر الدراسة أن 13.5% من أفراد العينة المستطلعة يعانون إعاقة، سواء أكانت بصرية أم عضوية أم سمعية أم عقلية أم متعددة، ومنها بدأ مع الولادة. وتعدّ الدراسة مخيم عين الحلوة «بيئة طاردة»، فنسبة 32.6% من أفراد العينة يعني المخيم لهم «القلق والتوتر وعدم الشعور بالأمان الاقتصادي والنفسي»، فيما بلغت نسبة الذين ينظرون «إلى المخيم باعتباره رمزاً وهوية وانتماءً إلى فلسطين» 26.9%، بينما ترى نسبة 28% منهم أنّ المخيم مجرد لجوء ومحطة للجوء آخر، «وهو تعبير يدل على التشاؤم بسبب عدم تمكّن المفاوضات السلمية من تحقيق حق العودة»، وثمّة 9% ينظرون إلى المخيم باعتباره وطناً نهائياً لهم، وأنهم سوف يمضون بقية حياتهم فيه.
الدراسة بيّنت أن 6.7% من أفراد العينة أمّيون، و4.5% منهم يلمّون بالقراءة والكتابة، ونسبة 60.6% أنهوا صفوف الابتدائي والمتوسط، 13.5% ثانوي، و3.4% جامعيون. وظهرت من خلال الدراسة مؤشرات منها أن 17.3% من أفراد العينة لا يعملون أبداً، وأن نسبة 23.4% من نساء المخيم يعملن. ومعظم الأعمال التي يمارسها سكان مخيم عين الحلوة هي أعمال موسمية. أما نسبة 14.6% منهم، فقد طالبوا بالأمن والاستقرار «وهو ما يستلزم تأليف مرجعية سياسية موحّدة قوية وقادرة على التعامل بحزم مع كل التجاوزات»، يقول حنفي.