فاتن الحاجتدخل ليندا مطر بخطى متثاقلة حفل التكريم. لم تعد السيدة الثمانينية تقوى على النشاط الذي عهدتها به الحركة النسائية منذ 57 عاماً. لكن السنين تركت بصماتها النضالية على ملامح «السيدة البيضاء»، فتقرأ على جبينها تاريخ شعب وتعثّراً في وجهها ما يشبه الوطن.
هناك في قاعة قصر الأونيسكو انتظرتها أسرتها وأهلها ورفاقها ونحو 80 شخصية سياسية وثقافية واجتماعية ونسائية ونقابية وعمالية قررت الاحتفاء بعطائها.
من هي ليندا مطر؟ مواطنة لبنانية أتيح لها أن تحصد رصيداً اكتسبته بفضل أربع مدارس تلقّنت منها احترام الإنسان والدفاع عن حقوقه ومحاربة مسببي فقره وجهله ومرضه وتشرده. في مدرسة راهبات الناصرة ـــــ الفرع المجاني استقت مطر محبة الآخر، كما قالت. وفي المدرسة الثانية، أي معمل الكلسات والحرير، حيث عملت لسنتين، اكتشفت ظلم الإنسان للإنسان. ثم بدأت مطر في أوائل الخمسينيات الدراسة على مقاعد لجنة حقوق المرأة، فتدرجت من عضو في فرع إلى مسؤولة منطقة، إلى أمينة سر، إلى رئيسة. أما المدرسة الرابعة فكانت الحزب الشيوعي الذي ناضلت في صفوفه أكثر من 20 عاماً قبل أن تتفرغ للمرأة وحقوقها وتنسحب من التنظيم الحزبي بعدما وجدت نفسها عاجزة عن القيام بالمهمّتين معاً. لكن مطر تبدو فخورة بأنّها مهّدت لانطلاقة جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية في 16 أيلول 1982 التي وضعت اللبنة الأولى في محاربة الاحتلال الإسرائيلي.
الطائفية لن تكون سبباً للتراجع عن وطن يخلو من الحواجز
في حفل التكريم، قال فيها د. حسن موسى، ممثلاً الرئيس سليم الحص: «إذا كانت ليندا مطر قد نذرت حياتها لخدمة حقوق المرأة فهي انصرفت للدفاع عن حقوق الإنسان في وطنه». ودعا روجيه نسناس، رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي، إلى «أن تقتدي المرأة اللبنانية بأمهاتنا وجداتنا اللواتي لم ينتظرن أحداً لكي يخصص لهن كوتا، بل بادرن من تلقاء أنفسهن إلى المشاركة في صنع الحياة».
واختصرت د. أمان كبارة شعراني، رئيسة المجلس النسائي اللبناني، شخصية مطر بالقول: «اقتنعت بأن لا شيء مستحيل. لم يثنها ترهيب ولا غرّها ترغيب. أذعنت في حياتها لسلطان الضمير ومارست الحق في التدبير والتقرير».
أما عائدة عريج، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام النسائي السوري، فاستعانت بكلام لمطر للحديث عن العلاقة بين المرأة السورية واللبنانية «النضال المشترك بين المرأة في القطرين اللبناني والسوري لم يهتز حتى في أحلك الظروف، رغم الضباب الذي خيّم في سماء البلدين الجارين». وتحدثت ناديا شمروخ، المنسقة العامة للشبكة النسوية العربية (الأردن) عن «امرأة علمتنا كيف نتواضع، وكيف أنّ الطائفية والإقليمية لن تكونا سبباً لأن نتراجع عن حلمنا في وطن يخلو من الحواجز الجغرافية».