البقاع ــ أسامة القادرييبدو أن شهر آذار بدّل ثوبه الأبيض، مع التبدّل المناخي، لتسقط المقولة الشعبية المتواترة والمعهودة أن «آذار أبو سبع ثلجات كبار ما عدا الدقدق والصغار». فأيام الشهر شهدت منذ بدايته ارتفاعاً في درجات الحرارة استغلّها الناس هنا، وخاصةً في عطلة يوم الأحد ليخرجوا من منازلهم باكراً على غير عادتهم، قاصدين «المناطق الحرجية»، لينتشروا تحت أشجارها وقرب الأنهر، فارشين الأرض بأطعمتهم وشرابهم، ما أدى إلى زحمة في خراج بلدات عميق، ومشغرة في البقاع الغربي، وعنجر بالقرب من نبع شمسين في البقاع الأوسط.
عبد الرحمن هاشم، الآتي من بلدة جلالا في البقاع الأوسط إلى منطقة عميق مع عائلته ومجموعة من الأصدقاء، يقول إنه جاء إلى هنا «للترويح عن النفس من ضغوط العمل، كذلك هي بمثابة «مكافأة» للأولاد من تعب الامتحانات الفصلية التي انتهت قبل أمس».
فيما غفران الحسن، التي قصدت نبع شمسين وجميع أفراد أسرتها، تدعو ربها أن لا يحرم اللبنانيين هذا العام نعمة الطبيعة، بحرب إسرائيلية جديدة على لبنان «الله يكمل هالمصالحات بين اللبنانيين اللي خلتنا نشوف الطبيعة، قرفنا التلفزيونات ونشرات الأخبار».
لا يتوقف جهاد رحيّل عن مهمته في شواء اللحم للإجابة. هكذا يتابع «التهواية» وهو يقول «حرام علينا أن يكون الطقس حلو هيك ونفوتو علينا»، فالسياسيون «أخذوا منا كثير وقت» كما يقول إنهم حمّلوا الناس ضغوطاً اجتماعية كبيرة، ويتابع «نفسنا الها حق علينا.. وحتى نعوض أيام المشاكل اللي صارت، بيحقلنا نضهر كل أحد».
أما زياد صالح، فيرى أن هذه النزهات رحمة «طالما ما إلنا طاقة على كلفة المطاعم والمنتزهات، الطبيعة أرحملنا»، مضيفاً إنه يهرب من «حبس الشقق، بالبرية بتسرح أولادنا ومنشوف وج ربنا».
أما محمود أبو هيكل الآتي من بلدة مجدل عنجر إلى منطقة الست شعوانة، فيبتسم مؤكّداً أن المواطن يحاول أن يستفيد من صفاء الجو الطبيعي والسياسي «بالأخص ابن المجدل»، لكون بلدته قد عاشت جواً أمنياً وسياسياً متوتراً، ثم يقول الرجل «أهم شي انّو الناس طلعت من الشرنقة ومن الحصار النفسي إلى البرية من دون أن تنظر إلى طائفية المكان ومذهبيته».