حسين خريسهو الزعيم الذي ملأ الوطن بتناقضاته حتى تململ الفلاسفة وعلماء المنطق بحثاً عن نتائج غير تلك التي توصّلوا إليها في علم الأضداد. يستعد في هذا «الموسم السياسي» لرحلة عرّابها كان قد أقسَمَ إنه لن يقوم بها لا «في الدنيا ولا في الآخرة». زادُ الرحلة ما زال في مونة البيت السياسي العتيق، كما عند كل رجوع: «العروبة، فلسطين». أمّا التحلية، فـ«شيء من فكر كمال جنبلاط وخطر التهديدات الإسرائيلية».
موعدُ الانطلاق لن يكون سرياً والساعة الصفر ستدقُّ عقب اعتذار علني لشعب يمثّل إرادة رئيس سيسامح لأن قلب العروبة اتسع لأصحاب الماضي الكتائبي، ولن يغصَّ بحليف اشتراكي ارتكب غلطة شاطر في فنّ التسويات.
مسافة الطريق ستبث شريط الرهانات الخاطئة، والصورة الطاغية في فيلم الذكريات ستظهر في إحدى قاعات الجامعات في الولايات المتحدة بالأسود والأبيض، حين وصَف الرئيس الراحل حافظ الأسد بالديكتاتور. لكن من المؤكد أنه لا وقت للاستراحة أثناء سلوك الطريق، لأن البيك كان قد انتظر الموعد في محطات الانتظار مستريحاً مدة طويلة، ملتقياً رموز الحلف مع الجيران.
وفي ما يتعلق بساعة الوصول، فإنها رهنٌ بسيناريو وسيلة النقل، لا الدليل السياحي، لأنه كان موجوداً أيام الوصاية ولو أن إسفلتَ البقاع لم يتغير لشهدَ كَمْْ عانى من دواليب المواكب ذات الزجاج الأسود.
وعند رؤية الحدود، ستعود زوبعة الخطابات إلى فنجان الماضي الذي سيرتشف منه مَن بقي من أبناء «حب الحياة» ليشربوه بارداً في عصرٍ السخونةُ فيه لأبناء «محور الشر». رحلة قد تضع أوزارها الأسبوع المقبل في شام تخاصم عليها الكبار ودفع الصغار الأثمان. المتفرجون سيكونون حتماً من أصحاب الذاكرة الضعيفة، أو من المؤمنين بأن لا جمرك على الكلام فيما لو كان الظرف سياسياً.
«الزعيم» لن يدخل البلاد فاتحاً، بل تائباً. ومراسيمُ الاستقبال لن تكون بحجم الأحلام ولا «الأنطينات» التي يمتلكها بل إنها ستخبره بأنه خسر الكثير عندما تخيّل أنه نطق بالحق ولو أن كثيرين من أنصاره تمنَّوْا لو أنه ارتجل في ما مضى.
إلّا أن «زعيمنا» ربح شيئاً واحداً في الهزيمة التي مُني بها على مر السنوات الخمس، وهو بقاء خط التماس بين السنّة والشيعة. خاب من وصفه بـ«الأفعى المرقطة» الساعية إلى فتنة بين الشارعين لأن سعيها في قاموس العدو بات مشكوراً والحجّ إلى دمشق سيصبح، قريباً جداً، مبروراً.