تجاوزت «الجمعية التعاونية الزراعية العامة في حولا» مختلف الصعوبات التي أحاطت بها منذ نشأتها، منذ أربعين عاماً، لا سيما تلك السنوات العجاف المتمثلة بالاحتلال الإسرائيلي المباشر لقسم كبير من الجنوب، ومنها حولا
كامل جابر
راودت فكرة التعاونية مجموعة من المهتمين في العمل التعاوني والاجتماعي، منذ أواسط الستينيات من القرن الماضي؛ فتقدموا بطلب رخصة وحصلوا على الموافقة سنة 1969، تحت اسم «الجمعية التعاونية الزراعية العامة في حولا»، رقمها في التسجيل 1/32. «كانت الفكرة في ذاك الوقت، أن نشتري، نحن الأكثرية الساحقة من فلاحين ومزارعين، جراراً زراعياً، يسعفنا من الفلاحة بالطرق البدائية، وأن نأتي بأسمدة كيماوية وأدوية زراعية. كانت الفكرة الأولية بهذا الحجم، ومن يمتلك بحدود خمسة دونمات كان يحق له الانتساب إلى التعاونية»، يقول رئيس التعاونية علي فاعور.
كانت الأهداف في ذاك الوقت، بالنسبة لخمسة وثلاثين عضواً مؤسساً في الجمعية، كبيرة. وبدأ العمل على هذا الأساس. لكن عدد المسجلين في الجمعية أصبح اليوم 208 أعضاء. وما يحول دون قبولنا المزيد من المنتسبين، هو أن معظم المعنيين من مزارعين وفلاحين أصبحوا خارج البلدة، بسبب مفاعيل الاحتلال الذي استمر لأكثر من 22 عاماً وسبب حركة نزوح لم تلتئم جراحها بعد عقد من التحرير.
بعد سنوات عجاف من الاحتلال الذي وضع يده على ممتلكات التعاونية ونهبها؛ تمكنت مجموعة من أبناء البلدة من إعادة إحيائها قبل ثلاث سنوات من تاريخ التحرير في أيار عام 2000. لكن تاريخ التحرير هذا أتى ليجعل من قضية التعاونية القضية الأولى في حولا. وساهمت مجموعة من الظروف في منحها الزخم المادي والمعنوي، إذ قدمت بعض الدول المانحة، وبعض المتبرعين الجنوبيين، تجهيزات ومعدات لمعصرة زيتون ومعمل للصابون. «المعصرة هي الفكرة الأكثر حيوية في التعاونية. قبلها، كان المزارعون يقصدون كفركلا، ودير ميماس لصناعة الزيت. عام 2002 بدأنا بفكرة المعصرة. كانت الفكرة بمثابة منقذ للفلاحين بغض النظر عن التكلفة، وحددنا تكلفة عصر الزيتون أقل مما تحدده بقية معاصر المنطقة»، كما يشرح فاعور.
بداية لم تكن الآلة جيدة، لأن عمرها كان من دون الوسط. «ومع ذلك اشتغلت وقدمت مجهوداً أبهر كل الناس» يقول فاعور ويردف: «نحن أصلاً لم نكن أصحاب خبرة في هذا المشروع التعاوني؛ والمؤسسة جديدة على قرية مثل حولا، إلا أن فكرة التعاون رحّب بها في حولا. صحيح أننا حصلنا على أمول، لكننا انتكسنا بعدما جددنا الآلة القديمة وبقينا نسدد بثمنها حتى الأمس القريب».
بالرغم من تجاوز رأسمال الجمعية مئتي ألف دولار أميركي، تشمل المعصرة ومعملاً للصابون ومولداً كهربائياً وجراراً زراعياً وحصادة ومعدات للرش وغيرها، إلا أن الجمعية اعتمدت على العمل التطوعي لأن إمكانياتنا في التعاونية لا تسمح لنا بكادر متفرغ. فكان كل العمل يتم بالتطوع. وشغل التطوع مهما كان يمارس بتفان، لا يكون شغلاً منتجاً. حتى يكون الشغل منتجاً يجب أن يكون لدينا موظفون متفرغون يساهمون في تطوير العمل ووضع خطة للتسويق، هذا التسويق الذي يؤثر كثيراً علينا في عملية إنتاج الصابون، مثلاً» كما يعلق فاعور.
لم تزل أسهم التعاونية كما كانت منذ انطلاقتها وتأسيسها «من أيام كان السهم بنحو 25 ليرة لبنانية، يعني رأسمال السهم الواحد في التعاونية اليوم قد يصل إلى 3500 ليرة لبنانية». في هذا السياق، تراود القيمين على إدارة التعاونية فكرة توسيع الانتساب ورفع قيمة السهم «ممكن أن نطلب من الأعضاء هذا الأمر، لكن ما نطلبه يحتاج إلى إعادة سداد، وقد لا يمثّل المبلغ شيئاً مقارنة مع حجم المبلغ المطلوب الذي نفكر فيه. وقد تكون مغامرة، أضف إلى أنه لا تصريف أو تسويق. نحن لا نستطيع أن ندفع حالياً مئة دولار أميركي لاستئجار محل لتخزين البضائع المنتجة أو عرضها. اليوم إذا طلب أحد ما أياً من منتجاتنا، نحدد على ثمنه نسبة 5 بالمئة من الأرباح، لكنها سرعان ما تطير. الموضوع معقد جداً في الوقت الذي لا نجد فيه تشجيعاً رسمياً على المستوى المطلوب».
ربما يمثّل القليل من الاهتمام على المستوى الرسمي مساعدة للتعاونية على الاستمرار والانطلاق مجدداً بزخم أفضل، قد يمكنها من تشغيل عشرة موظفين تعتاش من ورائهم عشر عائلات، فيساهم في زيادة الإنتاج، «نحن ليس هدفنا الربح، بقدر ما نرغب في الاستمرار في مؤسسة تساهم بالتنمية من ناحية، ومن ناحية ثانية تصمد وتبقى. لكننا نحاول التغلب على هذه الصعوبات وتذليلها، ونحن نحاول مع بعض الجهات التي يمكنها المساعدة لنحقق الأهداف وما نطمح إليه. التعاونية تطور عملها كثيراً، المعوقات التي ذكرناها نسعى لتذليلها، في الوقت الذي يعمل جهاز إداري بتفان وبهمة عالية»، يختم فاعور