هل تحمل فترة ما بعد الأعياد الحل المنصف لقضية أساتذة التعليم الثانوي والمهني الرسمي، ما يجنّب العام الدراسي خيار «أبغض الحلال» المفتوح على كل الاحتمالات، بما في ذلك مقاطعة أعمال الامتحانات الرسمية؟ أم أنّ هناك اتجاهاً لترجيح كفة التفاوض على الدرجات، وسط الحديث عن تفويض حصل عليه وزير التربية والتعليم العالي د. حسن منيمنة من القوى السياسية في مجلس الوزراء للسير في «تسويته المعقولة»؟
فاتن الحاج
يبدو أنّ كلاً من وزير التربية والتعليم العالي د. حسن منيمنة ورابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي ينتظر موعداً من الآخر للجلوس وراء طاولة حوار، يريده الوزير «واقعياً» وتريده الرابطة «بنّاءً وإيجابياً» على قاعدة استرداد الحق المكتسب كاملاً، أي ما بقي من الـ60% (35% أو 7 درجات) بدل ساعات العمل الإضافية بموجب القانون 53/66. وفيما ترى الرابطة أنّ مجرد خروج نصف الجسم التعليمي إلى الشارع يجب أن يكون كافياً ليبادر وزير التربية إلى تحديد موعد للقاء بها، تشير أوساط منيمنة إلى أنّ الأساتذة لم يطلبوا منه موعداً حتى الآن.
ويلفت مسؤول تربوي في تيار المستقبل إلى أنّ الوزير حاسم في رفض «السقف العالي» الذي تطرحه الرابطة، نافياً أن يكون هناك حل جاهز لدى الوزير، وإن كانت «الدرجتان» من الأفكار المطروحة للتسوية. وهنا ينقل المسؤول عن الوزير قوله إنّ الحركة المطلبية للأساتذة لا تنتهي بإعطاء أي من الحقوق، وبالتالي يمكن هؤلاء القبول بالتسوية على قاعدة «خذ وطالب»، وذلك انطلاقاً من مراعاة إمكانات الدولة المالية والموازنة المخصصة لوزارة التربية، «فهل بإمكان الوزير أن يأخذ من موازنات الوزارات الأخرى ليعطي الأساتذة؟»، يسأل المسؤول. ويؤكد أنّ تلبية هذا المطلب مرتبط بالقطاعات الأخرى، وبالتالي لماذا سيعطي الوزير الأساتذة الثانويين والمهنيين ولا يعطي الإداريين الذين يداومون 38 ساعة في الأسبوع؟».
ويقول المصدر التربوي إنّ الوزير مسؤول عن كل القطاعات التعليمية، ويتصرف وفق كل هذه الحسابات، لافتاً إلى اعتراض اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة على عدم قدرة أصحاب المؤسسات الخاصة من دون استثناء على إعطاء المعلمين في المراحل الأساسية الدرجات الثلاث التي أقرّت لهم، وكان هناك تلويح بإقفال مدارس في حال حصول ذلك، فكيف إذا أقرّت درجات إضافية؟
ولم يغفل المصدر الحديث عن إجماع كل القوى السياسية في مجلس الوزراء على «التسوية المعقولة» فيقول: «يحرّكون الشارع من جهة، ويقبلون بالحوار من جهة ثانية».
لكن النائب علي فياض، عضو كتلة الوفاء للمقاومة، يوضح في هذا الإطار أنّ الالتباس نشأ حين أيّد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش الحوار لمعالجة مشكلة أساتذة التعليم الثانوي والمهني الرسمي. لكن في حقيقة الأمر، حزب الله والتعبئة التربوية يدعمان التحرك المطلبي بالكامل، كما يقول فياض، وبدا ذلك من خلال المشاركة في كل «الانتفاضات» الميدانية، وقد «نقلنا هذا الموقف إلى وزير التربية في اجتماع معه أول من أمس، على خلفية أن المطلب نقابي صرف ومدعوم من كل القوى والاتجاهات السياسية». ويكشف فياض «أنّنا عرضنا على الوزير تقسيط الدرجات السبع على 3 سنوات، وهو حل معقول لا يرهق خزينة الدولة، وخصوصاً أنّ المؤشرات الاقتصادية تتجه نحو التحسن ولا سيما لجهة خفض الدين العام.
أما نزيه جباوي، عضو المكتب التربوي المركزي لحركة أمل، فينفي علمه بتفويض الوزير بالمضيّ في التسوية، وأن يكون القرار السياسي في الحركة مخالفاً للقرار النقابي «لأنهم يستشيروننا في هذا الملف». ويؤكد دعم المكتب لرابطة الأساتذة التي «نحن جزء منها ونتبنّى أي قرار صادر عنها». ويلفت إلى أنّ «الطرح الذي نؤيده هو جدولة طريقة الدفع، لا المساومة على الدرجات وخفضها».
هكذا، وعشيّة انعقاد مجالس المندوبين في المحافظات في 7 و8 و9 نيسان الجاري لمناقشة توصية التصعيد، لا يزال تحرك رابطتي «الثانوي» و«المهني» يحظى بالاحتضان، فالمواقف التي سجلتها روابط معلمي «الأساسي» ونقابة المعلمين في القطاع الخاص الحاسمة بالدعم قطعت الطريق أمام كل محاولات استخدام قطاع ضد آخر أو اللعب على التناقضات.
كذلك فإنّ القطاع الثانوي في قوى 14 آذار، الذي زار الوزير أول من أمس، جدد هو الآخر المضي في القرارات التي تتخذها الرابطة على خلفية «ما بدنا ندعوس على إجرين بعضنا». وما اللقاء مع الوزير، بحسب أوساط القطاع، سوى محاولة للوصول إلى مخرج عادل وإيجاد جو إيجابي للتحاور، وخصوصاً بعد إشاعة الأجواء بأنّ الحوار مقطوع. وتنفي هذه الأوساط أن يكون الاجتماع قد طرح تفاصيل تتعلق بالدرجات أو ما شابه.

تقسيط الدرجات السبع على 3 سنوات لا يرهق الخزينة العامة
وفي لقائها الأخير مع وزير التربية، تمسكت مفوضية التربية في الحزب التقدمي الاشتراكي بالحق المكتسب وأحقية استرجاع ما بقي من الـ60% من دون زيادة أو نقصان، وأن لا تكون الحجة المالية وراء إسقاط هذا الحق.
أما رابطتا أساتذة التعليم الثانوي والمهني الرسمي فقد حسمتا موقفهما في المضي في التحرك حتى الرمق الأخير، بحسب تعبير أحد النقابيين، بانتظار خطوة «أبغض الحلال» التي سيعلنها مجلسا المندوبين في الرابطتين في 18 نيسان الجاري. وفيما يستمر الأساتذة في حملة الاتصالات والحوار مع المسؤولين لغاية إحقاق الحق، فإنّهم يحمّلون وزارة التربية والتعليم العالي والسلطة السياسية المسؤولية الكاملة المترتبة عن اضطرارهم لتنفيذ الخطوات التصعيدية المقترحة بسبب استمرار المماطلة والتسويف.
ويؤكد الأساتذة للرأي العام اللبناني «أن تصريحات المسؤولين المتكررة وإشادتهم بدور التعليم الثانوي ونجاحه وتفوقه وإنتاجيته وحدها لا تكفي، ومحاولات وضع القطاعات التعليمية في مواجهة بعضها البعض لن تجدي نفعاً، ومواقف القطاعات التي أعلنوها خلال مشاركتهم في التظاهرة كانت خير دليل على وحدة موقف الهيئات النقابية للمعلمين والأساتذة في القطاعين الرسمي والخاص».