رامي زريقفي يوم الأرض، يتذكّر الفلسطينيون وسائر العرب كيف وضع الصهاينة يدهم على أرض فلسطين واستملكوها مرتكزين في ذلك على مزيج من الاستعمار ومن الاستعمال الانتقائي لقوانين تعود إلى العهد العثماني. للأرض مكانة خاصة في أذهان البشر، إذ إنها، وبالإضافة إلى رمزيتها القومية، أحد عناصر الإنتاج الأساسية في الزراعة. كما أنها مساحة استثمار آمنة لرؤوس الأموال البيضاء كما الرمادية. ويعتبر نمط توزيع ملكيتها أحد مؤشرات الظلم الاجتماعي. لذا، أمّمت بعض الحكومات العربية في مرحلة من تاريخها، مساحات من الأراضي الزراعية وإعادة توزيعها تحت عنوان الإصلاح الزراعي. وفي مصر وسوريا مثلاً، استملكت الدولة أراضي الإقطاع ونقلت جزءاً منها إلى من كان يزرعها، مما غيّر من طبيعة القطاعات الفلاحية والزراعية والغذائية. لم يشهد لبنان، حيث تأتي حقوق الملكية الخاصة قبل الحقوق الإنسانية والمدنية، أي إصلاح في ملكية الأراضي الزراعية. لا بل إن التاريخ الحديث يشير إلى استفادة الإقطاعيين السابقين، وأركان الدولة الجديدة، من وجود قوى الاستعمار في بداية القرن العشرين، ومن الاستعمال الانتقائي للقوانين والأعراف العثمانية، بما يخدم مصالحهم الشخصية، لتثبيت ملكيتهم على مساحات واسعة من الأراضي. كل ذلك، جعل من لبنان أحد البلدان الأكثر ظلماً في توزيع الأراضي، حسب بيانات الأمم المتحدة، حيث إن 0,5% من اللبنانيين يملكون 50% منها. يساهم هذا الواقع في اضمحلال القطاع الزراعي من خلال تفتيت الملكية، إذ إن من يزرع الأرض لا يملك سوى جزء بسيط منها، يقسَّم جيلاً بعد جيل بين الوارثين.
في يوم الأرض، نتذكّر كيف استولى الصهاينة على أرض فلسطين بالقوة والحيلة. وفي يوم الأرض، نتذكر أن الظلم لا يعرف حدوداً ولا جنسيات ولا قوميات.