جوان فرشخ بجاليأما على الحائط الشمالي، فهناك فتحة صغيرة مستطيلة الشكل، كانت تستخدم لحفظ رفات مار شربل، شفيع الكنيسة، لكنها فُقدت في ما بعد. وتزيّن رسوم القديسين وواهبي الصور هذا الحائط، ما يدفعنا إلى الاستنتاج أنّ هذا المكان شيّد وزيّن كنذر لطلب خلاص نفوس واهبي الصور، ما يعطي الغرفة بعداً جنائزياً ونذرياً يختلف عن كل جداريات القرون الوسطى في لبنان. ومن الناحية الجمالية، تتميّز هذه الرسوم بلغة فنية واحدة وبسيطة. فهناك استبعاد للمجسّم والبعد الثالث، والملامح تتميز بصرامتها وبجمودها ذي الطابع الشرقي، ما يدفع إلى ربط هذه الرسوم بالتراث المشرقي المحلي، الذي ازدهر في جبل لبنان في القرن الثالث عشر».
وكانت هذه الجداريات مغطاة بترسّبات المياه والكلس، وكانت الوجوه شبه مخفاة بسبب الأوساخ المتراكمة عبر الزمن، ما دفع «جمعية المحافظة على جداريات الكنائس القديمة في لبنان» للعمل على ترميمها وإبراز أهميتها الفنية المحلية. فعملت الجمعية على توفير كلفة الترميم من جمعية فيليب جبر، وأُنجز العمل بين عامي 2008 و2009 على أيدي فريق من المرمّمين البولونيين من جامعة وارسو. وسيقام بعد ظهر الغد حفل افتتاح الغرفة الشمالية للكنيسة أمام الزوّار للسماح لهم بالتعرّف إلى هذا الفن المحلي الذي ازدهر خلال الفترة الصليبية، والمهدّد بخطر الاندثار اليوم. تجدر الإشارة في هذا الإطار إلى أن هناك ما يزيد على ثلاثين كنيسة منتشرة بين بلاد جبيل والكورة والبترون وقنوبين زُيّنت جدرانها برسوم تعود إلى القرون الوسطى. لكنّ هذا التراث المجهول مهدّد بالاندثار من قبل أهالي القرى أوّلاً، إذ يحاولون ترميم كنائسهم القديمة بإزالة «الطلاء» عن الجدران لتكحيل الحجر، ما يؤدي إلى تدمير الجداريات تدميراً كاملاً. لذا تحاول الجمعية العمل دائماً على ترميم تلك الكنائس، فيُعمل مرة على كنيسة مارونية، ومرة أخرى على كنيسة أرثوذكسية. ويحظى المشروع بدعم من جمعية فيليب جبر لترميم الكنائس المارونية، ويبقى البحث عن راعِ للكنائس الأرثوذكسية.
الدعوة إلى المشاركة في حفل انتهاء عملية الترميم هي عامة، وستُفتتح خلاله الغرفة الشمالية أمام الزوار. كذلك سيقدّم فريق من العلماء، وهم من أعضاء الجمعية، الشروح عن الرسوم وأهميتها، ويُعطي تفاصيل أخرى عن المشاريع المقبلة والإنجازات التي ستحصل. قرية معاد على موعد مع هذا اللقاء، وتستعدّ بأحلى ما لديها لاستقبال الزوار وتعريفهم إلى تاريخها العريق.