جبيل ــ جوانّا عازار«صار عمرو سنة وبعدو ما مشي». لا نتحدّث هنا عن طفل المعجزة، بل عن إقرار مشروع قانون أوّل محميّة بحريّة في لبنان في مدينة جبيل، والتي لم تبصر النور حتّى اللحظة. وفي الذكرى السنويّة الأولى لتسليم مسوّدة مرسوم إنشاء المحميّة، «انتفاضة» طلابيّة بيئيّة أرادتها جمعيّة غرينبيس، فجمعت نحو 400 ناشط ألّفوا سلسلة بشريّة امتدّت على شاطئ البحصة في جبيل، وأصوات علت لتقول «طفح الكيل بجبيل»، مطالبة بتوقيع المرسوم.
في العام الماضي، نظّف متطوّعون وغطاسون من جمعيّة غرينبيس مرفأ جبيل في خطوة تهدف إلى التعريف بأهمية مشروع إنشاء المحميّة. غرينبيس أمهلت ولم تهمل، فقادت تحرّكاً سلميّاً في رسالة منها ومن المجتمع المدني والأهلي إلى الوزارة لأخذ المبادرة والإسراع في إعلان محمية جبيل البحرية باعتبارها الحجر الأساس في مشروع شبكة المحميات البحرية، التي تعمل غرينبيس على إنشائها في لبنان.
«محميّة جبيل مرهونة بالقرار السياسي»، تقول لـ«الأخبار» المسؤولة الإعلاميّة في الجمعية، رئيفة مكّي، مضيفة: «مشروع إنشاء المحميّة ليس أولويّة على الأجندة الوزاريّة، ونحن نطالب وزير البيئة بأخذ المبادرة وطرح الموضوع على مجلس الوزراء. وفي تحرّكنا رسالة أنّنا لسنا وحدنا كجمعيّة معنيين بإنشاء المحميّة، بل كلّ فئات المجتمع، والدليل مشاركة المئات من طلاب مدارس ومن نواد وجمعيّات أهليّة ومؤسسّات رسميّة وخاصّة في التحرّك، حيث نظّفوا شاطئ البحصة في جبيل، وألّفوا سلسلة بشريّة، رافعين اللافتات المطالبة بإقرار مرسوم محميّة جبيل البحريّة».
بدوره، تحدث مسؤول حملة المحيطات في لبنان قره بيت قزانجيان عن «انتشار مفهوم المحميّات البحريّة أكثر فأكثر بين اللّبنانيّين والجهات الرسميّة»، مشيراً إلى أنّ «غرينبيس بدأت منذ ثلاث سنوات بحملة لحماية الشاطئ اللبناني، ووضعت خطّة لمعالجته، وقد بدأت خطوتها الأولى من جبيل»، مؤكداً «أهميّة إقرار مشروع إنشاء المحميّة فيها للتعلّم من الخطوة وإعادة تطبيقها في مناطق أخرى، وبالتالي لتعميم التجربة على كلّ الشاطئ، لتكون 40% منه محميّات بحريّة».
وفي تعريفه للمحميّة البحريّة أشار قزانجيان إلى أنّ «المحميّة هي منطقة تُحدّد على أسس علميّة باعتبارها مناطق مهمّة تبيض فيها الأسماك أو مناطق حضانة للأسماك الصغيرة، وعندما نحميها نوفّر للبيئة البحريّة منطقة صحيّة لتبيض وتتكاثر وتكبر بطرق صحيّة، وبعدها تتمكّن من التكاثر في البحر».
المحميّة حسب قزانجيان تقفل بواسطة القانون، ويمنع فيها كلّ أساليب الصيد، إلا التقليديّة منها (بالصنّارة)، ويمنع في الإطار عينه رمي النفايات أو الملوّثات وذلك في سبيل حماية الأسماك والبحر، وخلق أمكنة لتكاثر البيئة البحريّة، وخصوصاً أنّ دراسة علميّة كانت قد أجريت، بعد إطلاق المشروع لمعرفة الأهميّة البيولوجيّة للمنطقة، أظهرت نتائجها أنّها تضمّ نظاماً بيئياً متنوّعاً، إضافة إلى مناطق حضن لأسماك بعضها مهدّد بالانقراض والبعض الآخر تجاري.
وتمتدّ المحميّة من سنسول جبيل حتّى حدود عمشيت، بطول 500 م في البحر، وسيُسمح فيها بالسباحة والغطس المنظّم.
ويختم قزانجيان بالقول: «المحميّات البحريّة التي تتمتّع بحماية كاملة هي أداة فعالة لضمان بقاء الأنواع البحريّة المهدّدة بالانقراض واسترداد المخزون السمكي المستنزف».


دعم من الصيّادين

قدّمت بلديّة جبيل الدعم الكامل للمشروع، حيث أكد المسؤولون عنها التعاون الكامل مع غرينبيس لما لهذه المحميّة من أهميّة وفائدة اقتصادية وسياحية وبيئية لساحل جبيل. وكان رئيس البلديّة زياد الحواط قد شارك في التحرّك الذي نظّمته غرينبيس، مثنياً على أهميّة تنظيف الشاطئ، وداعياً كلّ مرتادي شاطئ المدينة إلى الحفاظ على نظافته والإسهام في حمايته».
بدورها، قدّمت تعاونية صيادي الأسماك الدعم الكامل للمشروع، وأجمع الصيّادون على أهميّة إنشاء المحميّة. ويقول الصيّاد مانويل شلهوب: «المحميّة لنا، طالبنا كبحرييّن بإنشائها، ولا يمكن أن نقف أبداً في وجه إنشائها»، أما الصياد سمير مرعي فأكد أنّه وزملاءه راضون عن إنشاء المحميّة، ويتمنّون ألّا يتأخر التصديق على المشروع.