لا تكتفي سميرة عاقوري بالتشكيلة الواسعة من الزراعات العضوية التي تنتجها مزرعة زوجها كميل، بل تعمد وفق برنامج موسمي سنوي، تقصد منه الحصول على الإنتاج في توقيته الطبيعي، إلى تصنيع العديد من أنواع المربيات والألبان والأجبان البلدية والـ(compote)، أي الفاكهة المعلبة، فضلاً عن المشروبات. إلا أن أكثر ما تتميز به مزرعة عاقوري هو شراب الجوز الكحولي وشراب النعناع البري الصحي. ففي الفترة الممتدة بين شهري حزيران وتموز، تجمع سميرة عاقوري بمساعدة زوجها وأولادها حبات الجوز الخضراء «التي ما زال لبّها حليباً»، وذلك عبر قطفها بحسب معيار قوة تعلق الحبة بغصون شجرة الجوز وفنودها. تُغسل الحبات وتوضع ضمن سلال من القش تحت أشعة الشمس بقصد تجفيفها، أو حتى فركها برقاع للتجفيف. بعدها، تبدأ مرحلة «تجريح» حبات الجوز في أماكن عدة من قشرتها الخضراء، وذلك بسكين صغير، لتوضع بعد ذلك داخل مراطبين مليئة بالسبيرتو الأبيض الطبيعي وفق معايير محددة تتحتفظ عاقوري على ذكرها «حفاظاً على سر الخلطة». بعد الانتهاء من هذه المرحلة، يضاف للمحتوى سكر عضوي أسمر ويقفل عليه بطريقة الضغط لقطع تسرب الهواء «وإلا تلحق به العفونة» كما تقول عاقوري. تشير السيدة إلى أن المزيج يجب أن يبقى في الشمس لمدة شهر، على أن يُحرّك ويُرجّ كل يوم بهدف دفع السكر للذوبان والدخول بين ثنايا حبات الجوز.
بعد مرور الفترة اللازمة، يصفى المزيج فترمى حبات الجوز ويُعبّأ الشراب في قنان ويقفل عليها جيداً، لتصبح جاهزة للتقديم في المناسبات والأعياد كشراب كحولي غني بالطاقة، يشهد إقبالاً لافتاً من البقاعيين تحديداً واللبنانيين عموماً.
من جهة ثانية، تفاخر عاقوري أيضاً بتصنيع شراب النعناع البري، و«الجوي» العضوي، الذي تتكفل فوائده بمعالجة العديد من العوارض الصحية، وخاصة نزلات البرد وضيق التنفس والتلبّك المعوي، بالإضافة إلى تهدئة الأعصاب والتخفيف من حدة التوتر. أما عن طريقة التحضير، فتشرحها عاقوري واصفة إياها بالـ«سهلة جداً والخالية من التعقيدات»، وتتمثل طريقة الإعداد بجمع النعناع البري الذي ينمو على جنبات ساقية المياه في حرج البلدة، أو ذلك الجوي الذي يزرع بطريقة الزراعات العضوية في مزرعة عاقوري في شليفا، حيث توضع الكمية التي تُجمع، كل نوع على حدة، في «كركي» وتصنع بطريقة تصنيع ماء الورد ذاتها. فبعد أن تبدأ مرحلة التقطير، يغلى المزيج لمدة عشر دقائق مع السكر الطبيعي العضوي ويصب «ساخناً في قنان حتى لا يصاب بالعفونة»، فحتى لو سُكب بارداً، لا بد من تسخينه بالقناني قبل الإقفال عليه «وإلا يتعرض للعفن» كما تقول.
رامح....